عظيماً وذكراً شائعاً. وذكر لي غير واحد ممن لقيته أنه كان يبلغ أحياناً مستفاده من الطلبة أربعة آلاف درهم في الشهر الواحد، ثم تخلى عن ذلك في نحو الأربعين وستمائة بالكبرة التي لحقته واشتغال أهل بلده بما كان قد دهمهم من اشتعال نار الفتنة التي آلت إلى أخذ الروم بلده. وكان آنق أهل عصره طريقة في الخط وأسرعهم كتباً وأكثرهم كتباً وأبعدهم في الأستاذية صيتاً؛ على كثيراً من أهل بلده كانوا يرغبون بأبنائهم عنه ولا يسمحون لهم بالتتلمذ له والقراءة عليه لقبيح لا يليق مثله بأهل العلم نسبوه إليه (١) ، وكانوا يميلون بأبنائهم إلى غيره كأبوي الحسن: ابن الدباج وابن عبد الله، وأبي بكر بن طلحة قبلهما، وغيرهم ممن شهر بالدين والعفاف وتنزه عن التهمة [١٣٩ ظ] بفساد الخلوة.
وظهرت نجابته قديماً فقد وقفت على خطي الحافظ أبي بكر ابن الجد وأبي الحسن نجبة مجيزين له " كتاب سيبويه " بعد أخذه عنهما بين سماع وقراءة، وقد وصفاه بالأستاذية وما يناسبها من أوصاف نبلاء أهل العلم وطلابه، وهو ابن اثنين وعشرين عاماً أو دونها، وحسبك بهذا شهادة له بالإدراك ولاسيما من الحافظ.
وكان منقطعاً إلى بني زهر، وقدم مراكش أيام المنصور من بني عبد المؤمن؛ وكانت فيه غفلة شديدة صدرت عنه بسببها نوادر غريبة
(١) هامش ح: لا أعلم من ذكر أبا علي بما عرض به المصنف، وقد لقيت من أصحابه عدداً كثيراً، فكان حقه ألا يتعرض لمثل هذا الشيخ في شهرته وجلالة معلوماته وكثرة المنتفعين به.