عام واحد متوجهاً وفي شهر واحد منصرفاً، ووصل إلى غرناطة يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من شعبان سبع وثمانين.
وفي أثناء المدة التي بين قفوله من الرحلة الثانية ورحلته الثالثة سكن غرناطة ثم مالقة ثم فاس ثم سبتة منقطعاً إلى إسماع الحديث [١٨٣ و] والتصوف وتروية ما كان عنده، وفضله مع ذلك يزيد وورعه يتحقق وأعماله الصالحة تزكو.
وكانت رحلته الثالثة من سبتة بعد وفاة زوجه الفاضلة عاتكة المدعوة بام المجد ابنة الوزير الحسيب أبي جعفر أحمد بن عبد الرحمن الوقشي بأيام، وكانت وفاتها يوم السبت - رحمها الله - لعشر خلون من شعبان أحد وستمائة، بعد زمانة طاولتها مدة، ودفنت يوم الأحد بعده وهو اليوم الحادي عشر من الشهر؛ قال: ومن عجائب اتفاقات الاقدار الباعثة على الاعتبار ان كان تجهيزها إلي بجيان في الحادي عشر من شعبان سبعين وخمسمائة، فوافق تجهيز الحياة تجهيز الممات، وليلة القبر تنسي ليلة العرس، فيا لها من لوعة وحرقة، ولكل اجتماع من خليلين فرقة. قال: وكان مولدها بمرسية لاثنتي عشرة ليلة بقيت من محرم ست وأربعين وخمسمائة. ووصل إلى مكة - شرفها الله - أثناء اثنتين وستمائة وجاور بحرم الله الشريف طويلاً وبيت المقدس، ثم تحول إلى مصر والإسكندرية فأقام بها يحدث ويؤخذ عنه إلى أن لحق بربه.
روى عنه أبوا إسحاق: ابن مهيب وابن الواعظ وأبو تمام بن إسماعيل