للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا ريح هابة، ولكن استولى العمى على البصائر، ولا يعلم المرء ما هو غليه صائر، أسأل الله هداية لسبيله، ورحمة تورد في نسيم الفردوس وسلسبيله، إنه الحنان المنان، لا رب سواه. وقوله (١) : فلتات الهبات، أشبه شيء بفلتات الشهوات، منها نافع لا يعقب ندماً، ومنها ضار يبقي في النفس ألما، فضرر الهبة وقوعها عند من لا يعتقد لحقها أداء، وربما أثمرت عنده اعتداء، وضرر الشهوة ألا توافق ابتداء، فتعود لمستعملها داء، ومثلها كمثل السكر يلتذ صاحبه بحلو جناه، فإذا صحا تعرف قدر ما جناه، ومنفعتها بعكس هذه القضية، وهي الحالة المرضية، فالأسلم للمرء ان ياتي أمره على بصيرة من رشده، مستوضحاً فيه سبيل قصده، وما التوفيق إلا بالله وما الخبير إلا من عند الله، لا إله إلا هو.

ونظم معناه فقال:

وكم فلتات للصنائع تتقى ... عواقبها إن لم تقع في محلها

كذا شهوات المرء أن لم تكن له ... موافقة عادت عليها بكلها وقال: (٢)

لصنائع المعروف فلتة غافل ... إن لم تضعها في محل قابل


(١) الإحاطة ٢: ١٧٤.
(٢) الإحاطة ٢: ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>