الأولياء ذوي الكرامات الشهيرة والبراهين الصالحة والمكاشفات وإجابة الدعوات ممن بعد العهد بمثله، ولم يكن يسمح لأحد في التعرض إليه بهدية أو تحفة قلت أو كثرت لا من الملوك ولا من غيرهم، على اختلاف طبقات الناس إلا من آحاد من بعض خلصانه ممن قد تحقق طيب مكسبهم، وذلك في النزر اليسير والنادر من الأوقات. وكتب الكثير من العلم بخطه، وكان مثابراً على طلبه مرغباً فيه كل من يغشاه من أصحابه وافر الحظ من علم القراءات والفقه، وعرضت عليه أوان طلبه ولاية القضاء بشريش فنفر من ذلك وامتنع حتى اعفي؛ وكان مقتصداً في أحواله: اقتصر في إجراء معيشته على نسخ المصاحف بعد طول تردده في التماس حرفة ليسلم من تبعاتها فلم يجدها.
واستدعاه أبو يعقوب بن عبد المؤمن فأجابه وقرر لديه من أعذاره في إعفائه من العود إليه ما اقتضى عنده قبوله، فأسعفه في ذلك عملا على مساعدته، وعرض عليه مالاً فأبى من قبوله، فتركه لرأيه موافقة عليه ووقوفاً عند مرضاته.
وكان تلميذه الأخص به أبو عمران المارتلي إذا جرى ذكره بين أصحابه يقول: لو رأيتموه رأيتم فرداً من أفراد الزمان وبدلاً من الإبدال لا يقدر ولا يمثل إلا بالصدر الأول والسلف الصالح.
ومما يؤثر عنه من كراماته وحماية الله إياه ان أبا العباس الشهير بالبريرق [٢٠٤ ظ] ويعرف أيضاً بأبي رقيقة - وكان أحد أصحابه - كان يهدي إليه أول طيب العنب كل سنة شيئاً من عنبه الذي يجنيه من