للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضعه الصائر إليه بالإرث عن آبائه عن أجداده منذ زمن الفتح، فكان دأب أبي عبد الله قبول هديته لتحققه طيب أصلها. ولما كان في بعض الأعوام ردها عليه وأبى قبولها، فراب ذلك أبا العباس وشق عليه وغاب عنه السبب فيه، فعمد إلى أبي عبد الله وساه عن موجب رد هديته ومخالفة ما عوده من قبولها فقال له: إنما صرفتها عليك لأنها ليست من مالك، فابحث عنها. فرجع أبو العباس إلى منزله وسال أهله فأخبر أن ذلك العنب من جنة أحد جيرانهم، وقيل له: أنا رأينا عنباً أكحل طيباً ليس لنا مثله، فرأينا أن نهديه إلى الشيخ أبي عبد الله ونؤثره به، فسري عن أبي العباس ما كان قد وجد في نفسه من ذلك وعلم أن الله سبحانه قد وقى وليه من تناول شبهة. وكراماته ومآثره كثيرة أثيرة وقد دون منها الزاهد الفاضل أبو بكر بن قسوم جملة صالحه في كتابه: " محاسن الأبرار في معاملة الجبار ".

حدثني الشيخ السني أبو الحسن الرعيني - رحمه الله - قراءة مني عليه قال (١) : أخبرني الشيخ الصالح أبو محمد الشنتريني الفقيه، قال: كان عندنا بإشبيلية شاعر يعرف بابي عبد الله البراذعي، وكان يعمل أبداً على زيارة أبي عبد الله بن المجاهد - رحمه الله - فكان يعطيه في اليوم الذي يأتيه فيه نصف القرصة التي كانت قوته في يومين اثنين، فإنه كان يدفع لي درهماً فيستنفق منه ستة عشر يوماً قرصة في يومين، والقرصة حينئذ (٢)


(١) انظر الخبر في برنامج الرعيني: ٩٣؛ والضمير في قال يرجع إلى ابن قسوم.
(٢) البرنامج: إذ ذاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>