للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفاً محكماً متقارباً، حتى كان بين الشريطتين غلظ إصبع، وصلى عليه جمهور الناس بالخان. ولما فرغ الغاسل منه وخرج بالرداء الذي غسله فيه تعلق الناس بذلك الرداء وغلبوه عليه حتى لم يبق بيده منه إلا قدر ما أمسك بأنامله، والسعيد منهم من صار إليه منه قدر فتيل لكثرة ترامي الناس عليه، وكان منهم من رغب من الغاسل في بيع ما بقي عنده من الرداء، فباعه منه ولم يكن بقي عنده منه إلا يسير.

وحمل الفقيه على تلك الحالة وقت صلاة العصر إلى المصلى بالشريعة وسير به سيراً حثيثاً، فاستبق الناس إليه، فمنهم من يرمي إليه عمامته فإذا وصلت إلى النعش وجذبها اشترك ناس معه فيها فلا يبقى له منها إلا قدر ما يمسك بيده، ومنهم من يرسل رداءه فيجري الحال فيه على ذلك، وصلي عليه هنالك مرة ثانية في جمع عظيم ثم سير به كذلك إلى مدفنة بالقرافة حيث قبور الصالحين والفضلاء، وإذا جماعة كبيرة من كبراء الناس وإعلامهم ينتظرونه هنالك، لم يكونوا صلوا عليه فقالوا: لابد أن نصلي عليه قبل دفنه، فصلوا [٢١٤ و] عليه وهو بشفير القبر مرة ثالثة، وروي في قبره بمقبرة الشهداء لمنسوبة إلى سارية، واختطف الناس تراب قبره مرة ثم ثانية ثم ثالثة، وأقبل عليهم الليل وانفصلوا عنه فلما كان من الغد أصبح قبره مبنياً كأحسن ما يبنى من القبور، فتساءل الناس عمن بناه، فلم يجدو عنه مخبراً، وجعل حفيد أخيه وأصحابه عند رأسه تاريخاً. وكانت وفاته ليلة الجمعة الثامنة والعشرين من جمادى الأولى من

<<  <  ج: ص:  >  >>