للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رق ينسخ فيه (١) وتطول مدة بقاءه، وبعضه نطائق (٢) تقطع وتعفن، ولم يتقدم في الوجود والنشأة بعض ذلك الأديم بعضاً. وأيضاً فإنهم خابوا من علم الشريعة الذي هو الحقيقة. وطائفة حصلت على علم حدود المنطق، فنقول لهم: إنكم لم تحصلوا إلا على العلوم التي لا منفعة لها ولا فائدة، إلا تصريفها في سائر فأنتم (٣) كمن جمع آلة البناء ولم يصرفها في البنيان فهي معطلة لديه لا معنى لها، فإن قالوا إن لهذه العلوم معايش ومكاسب، قلنا هي أضعف المكاسب وأقل المعايش سعة، فإذ ليس غرضكم إلا هذا، فالتجارة والزراعة وصحبة السلطان أجدى بالمكسب وأوسع بالوفر (٤) حظاً مما أنتم عليه.

ولم نورد شيئاً من هذا تنقيصاً لشيء ن هذه العلوم ومعاذ الله من هذا ولو فعلنا ذلك لدخلنا في جملة من نذم، ولركبنا الملة (٥) الخسيسة، لكن تنقصاً لمن قصد بعلمه ذم سائر العلوم وتنقصها. وأما من طلب علماً ما، لم يفتح الله تعالى له في غيره، وهو مع ذلك معترف بفضل سائر العلوم ونقص حاله إذ أقصر عنها، فهو محسن حمود فاضل قد تعوض الإنصاف والعدل والصدق مما فاته منها فنعم العوض ما حصل عليه، ولا ملامة عليه فيما لم يفتح الله تعالى له فيه، وأما من أخذ من كل علم ما هو محتاج إليه واستعمل ما علم كما يجب فلا أحد أفضل منه، لأنه قد حصل على عز النفس وغناها في العاجل وعلى الفوز في الآجل، ونجا مما حصل فيه أهل الجهل، ومن لم يستعمل ما علم من أضداد هذه الأحوال.

وجملة الأمر أنه لولا طلب النجاة في الآخرة لما كان لطلب شيء من العلوم معنى لأنه تعب، وقاطع عن لذات الدنيا المتعجلة من المشارب والمآكل والملاهي والسفاه الاعتلاء واتباع الهوى؛ فلو لم يكن آخرة يؤدي إليها طلب العلوم، لما كان


(١) ص: ورق ينسج فيه.
(٢) ص: بطائق.
(٣) ص: فأنت.
(٤) ص: بالدفر.
(٥) ص: المدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>