للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلفت (١) المعاني في اللغة العربية، وضع العلماء كتب النحو، فرفعوا إشكالاً عظيماً، وكان ذلك معيناً على الفهم لكلام الله عز وجل، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان من جهل ذلك ناقض الفهم عن ربه تعالى، فكان هذا من فعل العلماء حسناً وموجباً لهم أجراً. وكذلك القول في تواليف العلماء ككتب اللغة، وكذلك القول أيضاً في تواليف كتب الفقه (٢) ؛ فإن السلف الصالح غنوا عن ذلك كله بما أبانهم الله به من الفضل ومشاهد النبوة، وكان من بعدهم فقراء إلى ذلك كله، يرى ذلك حساً ويعلم نقص من لم يطلع هذه العلوم ولم يقرأ هذه الكتب وأنه قريب النسبة من البهائم، وكذلك هذا العلم فإن من جهله خفي عليه بناء كلام الله عز وجل (٣) مع كلام نبيه صلى الله عليه وسلم، وجاز عليه الشغب جوازاً لا يفرق بينه وبين الحق، ولم يعلم دينه إلا تقليداً، والتقليد مذموم، وبالحرى إن سلم من الحيرة، نعوذ بالله منها. فلهذا ولما (٤) نذكره بعد هذا، إن شاء الله تعالى، وجب البدار إلى تأليف هذا العلم، والتعب في شرحه وبسطه، بحول الله وقوته، فنقول وبالله تعالى نستعين:

إن جميع الأشياء التي أحدثها الأول، الذي لا أول على الإطلاق سواه، وقسمها الواحد الذي لا واحد على التصحيح حاشاه، واخترعها الخالق الذي لا خالق على الحقيقة إلا إياه، فإن مراتبها في وجوه البيان أربعة، لا خامس لها أصلاً ومتى نقص (٥) منها جزء واحد اختل من البيان بمقدار ذلك النقص.

فأول ذلك كون الأشياء الموجودات حقاً في أنفسها، فإنها إذا كانت حقاً فقد أمكنت استبانتها، وإن لم يكن لها مستبين، حينئذ، موجود، فهذه أولى مراتب البيان؛ إذ ما لم يكن موجوداً فلا سبيل إلى استبانته.

والوجه الثاني: بيانها عند من استبانها وانتقال أشكالها وصفاتها إلى نفسه،


(١) م: تختلف.
(٢) س: وكذلك القول في تواليف كتب العلماء في اللغة والفقه.
(٣) م: تعالى (وكذلك تتبادل اللفظتان في م س على نحو شبه مطرد) .
(٤) س: وما.
(٥) س: وإن تناقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>