للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستقرارها (١) فيها بمادة العقل الذي فضل به الناطق (٢) من النفوس، وتمييزه لها على ما هي عليه إذ من لم يبن له الشيء لم يصح له علمه ولا الأخبار عنه، فهذه المرتبة الثانية من مراتب البيان.

والوجه الثالث: إيقاع كلماتٍ مؤلفات من حروف مقطعات، مكن الحكيم [٣ ب] القادر لها المخارج من الصدر والحلق وأنابيب الرئة والحنك واللسان والشفتين والأسنان، وهيأ لها الهواء المندفع بقرع اللسان إلى صمخ (٣) الآذان، فتوصل بذلك نفس المتكلم مثل ما قد استبانته واستقر فيها إلى نفس المخاطب، وتنقله إليها بصوت مفهوم بقبول الطبع منها للغةٍ اتفقا عليها، فتستبين من ذلك ما قد استبانته نفس المتكلم، ويستقر في نفس المخاطب، مثل ما قد استقر في نفس المتكلم، ويخرج (٤) إليها بذلك مثل ما عندها، لطفاً من اللطيف الخبير، لينتج لها ما وهبنا (٥) من هذه الخاصة الشريفة، والقوة الرفيعة، والطبيعة الفاضلة، المفربة لمن استعملها في طاعته، إلى فوز الأبد برضاه والخلود في جنته، نتيجة يبين بها (٦) من البهائم التي لا ثواب ولا عقاب عليها، والتي سخرها لنا في جملة ما سخر، وذللها لحكمنا مع ما ذلل، إذ خلق لنا ما في السماوات والأرض، إلا ما حمى عنا، واستثنى بالتحريم علينا، فلله الحمد والشكر منا، والسمع والطاعة علينا، ومن فضله (٧) تتميم ذلك لنا بمنه وطوله، قال الله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} (إبراهيم: ٤) فهذه المرتبة الثالثة من مراتب البيان.

والوجه الرابع: إشارات تقع باتفاق، عمدتها تخطيط ما استقر في النفس من


(١) س: واستقراره.
(٢) س: العاقل.
(٣) صمخ: جمع صماخ وهو ثقب الأذن؛ وفي س: سمخ وهو لغة فيه.
(٤) س: وخرج.
(٥) س: لينتج لما وهب لنا (ولفظة لينتج لم يعجم منها إلا التاء في النسخة (س) .
(٦) م: تبين.
(٧) فضله: سقطت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>