للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عز وجل، فيفوز بالحظ الأعلى ويحوز القسم الأسنى إن شاء الله عز وجل. ولم نجد أحداً قبلنا انتدب لهذا فرجونا ثواب الله عز وجل وأملنا عونه تعالى (١) في ذلك.

والضرب الرابع: قوم نظروا فيها بأذهانٍ صافية وأفكار نقية من الميل وعقول سليمة فاستناروا بها ووقفوا على أغراضها فاهتدوا بمنارها وثبت التوحيد عندهم ببراهين ضرورية لا محيد عنها، وشاهدوا انقسام المخلوقات وتأثير الخالق فيها وتدبيره إياها، ووجدوا هذه الكتب الفاضلة كالرفيق الصالح والخفير (٢) الناصح والصديق المخلص [٤ ظ] الذي لا يسلم عند شدة، ولا يفتقده صاحبه في مضيق إلا وجده معه. فلم يسلكوا شعباً من شعاب العلوم إلا وجدوا منفعة هذه الكتب أمامهم ومعهم، ولا طلعوا ثنية من ثنايا المعارف إلا أحسوا بفائدتها غير مفارقةٍ لهم، بل ألفوها تفتح لهم كل مستغلق، وتليح إليهم كل غامض في جميع العلوم، فكانت لهم كالميلق (٣) للصيرفي، والأشياء التي فيها الخواص لتجلية مخصوصاتها.

فلما نظرنا في ذلك وجدنا من بعض الآفات (٤) الداعية إلى البلايا التي ذكرنا تعقيد الترجمة فيها وإيرادها بألفاظ غير عامية ولا فاشية الاستعمال، وليس كل فهم تصلح له كل عبارة، فتقربنا إلى الله عز وجل بأن نورد معاني هذه الكتب (٥) بألفاظٍ سهلة سبطة يستوي إن شاء الله في فهمها العامي والخاصي والعالم والجاهل حسن إدراكنا وما منحنا خالقنا تبارك وتعالى من القوة والتصرف. وكان السبب الذي حدا من سلف من المترجمين إلى إغماض الألفاظ وتوعيرها وتخشين المسلك نحوها، الشح منهم بالعلم والضن به.

ولقد يقع لنا أن طلاب العلم يومئذ والراغبين فيه كانوا كثيراً ذوي حرص قوي، فأما الآن وقد زهد الناس فيه زهداً ليته سلم أهله منهم، بل قد أداهم زهدهم فيه (٦)


(١) وأملنا عونه تعالى: انفردت به م.
(٢) م: والحفير؛ والخفير؛ المجير.
(٣) س: الميدق؛ م: الميذق؛ والميلق: وعاء لتمليس الذهب (انظر ملحق المعجمات لدوزي: ٦٣٨) .
(٤) م: من بعض اللغات.
(٥) الكتب: سقطت من س.
(٦) زهداَ.... فيه: سقط من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>