للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم، الواسطة بيننا وبين الواحد الأول: " من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما (١) . فنحن نرجو من خالقنا أن نكون ممن (٢) يضرب لنا في كشف هذه الغمة بنصيب وافر ننتفع به جداً يوم فقرنا إلى الحسنات وحاجتنا إلى النجاة بأنفسنا مما يقع فيه الآثمون، وأن ييسرنا لسنةً حسنة نشارك من تصرف بعدنا ما كنا السبب في علمه إياه، من أجره، دون أن ينقص (٣) من أجرة شيء، فهكذا وعدنا الخالق (٤) الأول على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم فهؤلاء ضرب.

والضرب الثاني: قوم يعدون هذه الكتب هذياناً لا يفهم، وهراء من القول وهذراً من المنطق (٥) . وبالجملة فأكثر الناس سراع إلى معاداة ما جهلوه وذم ما لم يعلموه، وهم كما قال الصادق عليه السلام: " الناس كإبل مائةٍ لا تجد فيها راحلة " (٦) . فرأينا أيضاً أن من وجوه البر إفهام من جهل هذا المقدار الذي نصصنا على فضله أولاً، ولعمري ما ذلك بقليل إذ بالعلم بهذا المعنى بنا عن البهائم وفهمنا مراد الباري عز وجل في خطابه إيانا.

والضرب الثالث: قوم قرأوا هذه الكتب المذكورة بعقول مدخولة وأهواء مؤوفة وبصائر غير سليمة، وقد أشربت قلوبهم حب الاستخفاف واستلانوا مركب العجز واستوبأوا نقل الشرائع (٧) وقبلوا قول الجهال إنها كتب إلحاد، فمروا عليها أمراً لم يفهموها ولا تدبروا ولا عقلوها (٨) فوسموا أنفسهم بفهمها، وهم أبعد الناس عنها وأنآملهم عن درايتها، وكان ما ذكرنا في تلبيس أمر هذه ومنفراً عنها فقوى رجاؤنا في أننا ببيان ما نبينه منها نكون السبب في هداية من سبقت له الهداية في علم


(١) الحديث في صحيح البخاري (أدب: ٧٣) ومسلم (إيمان: ١١١) ومسند أحمد ٢: ١٨، ٤٤، ٤٧.
(٢) ممن: سقطت من م.
(٣) م: ينتقص.
(٤) م: الواحد.
(٥) س: هذياناً من المنطق وهذراً من القول.
(٦) الحديث في مسند أحمد ٢: ٧، ٤٤، ٧٠ والبخاري (رقاق: ٣٥) ومسلم (فضائل الصحابة: ٢٣٢) .
(٧) س: الشرع.
(٨) إنها كتب.... عقلوها: سقط من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>