للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحوالة (١) في منطقه، والتقصير في حديثه، وآية ذلك الوجوم والإطراق وشدة الانغلاق، فبينما هو طلق الوجه خفيف الحركات صار منطبقاً متثاقلاً حائر النفس جامد الحركة يبرم من الكلمة ويضجر من السؤال.

ومن علاماته حب الوحدة، والأنس بالانفراد، ونحول الجسم دون حر (٢) يكون فيه، ولا وجع مانع من التقلب والحركة والمشي؛ دليل لا يكذب، ومخبر لا يخون عن علة (٣) في النفس كامنة.

والسهر من أعراض المحبين، وقد أكثر الشعراء في وصفه وحكوا انهم رعاة الكواكب وواصفو طول الليل؛ وفي ذلك أقول وأذكر كتمان السر وأنه يتوسم بالعلامات: [من الوافر]

تعلمت السحائب من شؤوني ... فعمت بالحيا السكب الهتون

وهذا الليل فيك غدا رفيقي ... بذلك على سهري معيني

فإن لم ينقض الإظلام إلا ... [إذا] ما أطبقت نوماً جفوني

فليس إلى النهار لنا سبيل ... وسهد زائد في كل حين

كأن نجومه والغيم يخفي ... سناها عن ملاحظة العيون

ضمير في ودادك يا منايا ... فليس يبين إلا بالظنون


(١) الحوالة: يريد بها الانتقال من حال إلى أخرى، والتغير، وقد استعملها ابن قزمان في أحد أزجاله (رقم: ٧٨) فقال:
ولابد للخبز من فرن إذا ما اختمر ... إن لم يعتريه حواله ويفرن فطير ويفرن: بمعنى يخبز في الفرن؛ (وإلى هذا أشار الدكتور عبد العزيز الأهواني، انظر مجلة المعهد المصري، المجلد: ١٨ (١٩٧٤ - ١٩٧٥) ص: ٧٢.
(٢) وردت في الطبعات المختلفة (ما عدا برشيه) : حد، ولا معنى لها؛ والحر كان يقترن بالتحول عند علماء الطب، كما ان كثرة الشحم تقترن بالبرد، قال علي بن ربن الطبري (وفي فردوس الحكمة: ٨٤) نقلاً عن جالينوس: " ومما يدل على حرارة المزاج ويبسه نحافة البدن ويدل على برد المزاج ورطوبته كثرة الشحم "..
(٣) في معظم الطبعات: كلمة، وعند برشيه: كله؛ وكلاهما خطأ واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>