للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك مما ينتجه له النطق الذي هو التمييز، فهذا فرق بين واضح.

١٠ - باب العرض

هذا وإن كان كيفية كالفصل والخاصة فبينة وبينهما (١) فرق كبير (٢) ، وهو أن الفصل لا يوجد في غير ما فصل به أصلاً، والخاصة أيضاً كذلك، لا توجد في غير مخصوصها أصلاً. وأما العرض العام الذي قصدنا بالكلام فيه (٣) في هذا المكان فإنه يعم أنواعاً كثيرة جداً، وهو ينقسم أقساماً: فمنه ما يعرض في بعض الأنواع دون بعض ثم في بعض أحواله دون بعض، وذلك كحمرة الخجل، وصفرة الجزع (٤) ، وكبدة الهم، وهذه سريعة الزوال جداً؛ وكالقعود والقيام والنوم وما أشبه ذلك، وهذه كلها تستحيل بها أحوال من هي فيه لاستحالة الأسباب المولدة لها، وتنفصل بها أحواله بعضها من بعض؛ ومنها ما هو أبطأ زوالا كصبا الصبي وكهولة الكهل وما أشبه ذلك، ومنها ما لا يزول أصلاً، إلا أنها لو أمكن أن تزول لم يبطل شيء من معاني ما هي فيه، كزرقة الأزرق وجدع الأجدع (٥) وقنا الأقنى وفطس الأفطس وسواد الغراب وحلاوة العسل وما أشبه ذلك، فإنه إن توهم الزنجي أبيض والغراب أعصم لم يخرجا بذلك عن الغرابية ولا عن الإنسانية، وكذلك العسل قد يكون منه مر ولا يبطل أن يكون عسلاً؛ وبالصفات التي ذكرنا ينفصل بعض أنواع الأعراض عن بعض.

وهكذا عبر الأوائل في هذا الباب وهي عبارة غير محققة، لأنهم ذكروا عرضاً عاماً لأكثر من نوع، ثم إنهم ذكروا تحته حمرة الخجل وما لا يكون إلا لبعض نوع واحد أو لنوع واحد، وكان هذا بالخاصة أشبه منه بالعرض العام وأولى به (٦) .

واعلم أن في الأعراض أنواعاً وأجناساً وأشخاصاً، كما في الجواهر، على ما قدمنا قبل.


(١) س: وبينها.
(٢) س: كثير.
(٣) فيه: سقطت من م.
(٤) م: الفزع.
(٥) وجدع الأجدع: سقط من س.
(٦) هذه الفقرة انفردت بها م.

<<  <  ج: ص:  >  >>