للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنه ليس النوع والجنس شيئاً غير الأشخاص، وإنما هي أسماء تعم جماعة أشخاص اجتمعت واشتركت في بعض صفاتها، وفارقتها سائر الأشخاص فيها، فلا تظن غير هذا، كما يظن كثير من الجهال الذين لا يعلمون.

٩ - باب الخاصة

من الخاصة ما هو مساو للمخصوص، أي أنها في جميع أشخاصه، وهذه هي التي (١) نقصد بالكلام في هذا الباب (٢) . ومنها ما هو أخص من المخصوص بها أي أنها في بعض أشخاصه لا في كلها، وذلك مثل الشيب في حال الكبر، فإنه فيما هو فيه في وقت دون وقت، ومثل النحو والشعر فإنهما بالفعل في بعض ما هما فيه بالقوة دون بعض، فليس كل إنسان نحوياً وشاعراً، إلا أنه قد كان ممكناً ومتوهماً أن يكون نحوياً وشاعراً.

وأما الخاصة المساوية فقد تقوم مقام الحد، ويرسم بها ما كان (٣) فيه رسماً صحيحاً [١٥ظ] دائراً على طرفي مرسومه منعكساً. فإنك تقول: كل إنسان ضحاك، وكل ضحاك (٤) إنسان، فهذا هو الانعكاس الصحيح، وهذا هو الدوران على الطرفين. أي أنه لا يشذ عنه شيء مما تريد أن ترسمه به أو تحده. وكل إنسان فضاحك إما بالقوة أي بالإمكان في كل وقت، وإما بالفعل في بعض الأوقات دون بعض أي بظهور الضحك منه. فإن قال قائل: فبأي (٥) شيء فرقتم بين الخاصة والفصل فالجواب: إن الفصل هو ما لايتوهم عدمه عن الشيء الذي هو فيه إلا ببطلان ذلك الشيء، فإن النطق والموت إن توهم أنهما قد عدما من شيء لم يكن ذلك الشيء إنساناً البتة، وأما الخاصة فبخلاف ذلك، ولو توهمنا الضحك معدوماً بالكل جملة واحدة، حتى لا يعرف ما هو، لم يبطل الإنسان ولا امتنع من أجل عدم الضحك أن يتكلم في النحو والفقه والفلسفة وأن يعمل الديباج ويخيط ويغرس (٦) ويحرث ويحصد وغير


(١) س: وهذا الذي.
(٢) س: الكتاب.
(٣) م: هي.
(٤) ضحاك: ناطق ميت في س (وما يلي يؤيد رواية م) .
(٥) س: فلأي.
(٦) م: ويقرش.

<<  <  ج: ص:  >  >>