للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا كل أشياء استوت في جنس أو نوع أو فصل، فإنها كلها فيه متساوية لا يفضل في كونها إياه بعضها بعضاً أصلاً بوجه من الوجوه.

ورسم الفصل هو أن تقول: هو الذي تتميز به الأنواع بعضها من بعض تحت جنس واحد، والفصول موجودة في الأنواع بالفعل، وفي الجنس بالقوة. نريد بالقوة: إمكان أن يكون، وبالفعل: أنه قد كان ووجب (١) [١٥و] وظهر ووجد، فإنك إذا قلت: الحي، فإن النطق فيه بالقوة، أي أن بعض الأحياء ناطقون، ولو كان النطق (٢) فيه بالفعل لكان كل حي ناطقاً، وهذا محال. وأنت إذا قلت الحي الناطق، فالنطق فيه بالفعل أي أنه قد ظهر ووجد.

والنطق الذي يذكر (٣) في هذا العلم ليس الكلام ولكنه التمييز للأشياء والفكر في العلوم والصناعات والتجارات وتدبير الأمور، فعن جميع هذه المعاني كنينا بالنطق اتفاقاً منا. وكل إنسان فناطق النطق الذي بينا، إلا من دخلت على ذهنه آفة عرضية، وإلا فبنيته، ولو رمى الحجارة، محتملة لو زالت تلك الآفة لكل ما ذكرنا. وليس كذلك سائر الحيوان، حاشا الملائكة والجن، فإنه لا يتوهم من شيء من الحيوان غير ما ذكرنا فهم الأمور التي وصفنا.

وأما الفصول إذا حققتها فكيفيات، إلا أنها لا تفارق ما هي فيه ولا تتوهم مفارقتها له إلا ببطلانه. وكذلك (٤) المعنى الذي صارت به الأشخاص تسمى أنواعاً وأجناساً، فإنه أيضاً كيفية كما ذكرنا. وأنت إذا وجدت فصلاً ذاتياً تستغني به في تمييز ما تريد منه من الأنواع، فأكتف به ولا معنى لأن تأتي بفصل آخر. فإن اضطررت إلى فصول كثيرة، ينفرد النوع الذي تريد أن تفصله من غيره بجميعها وتشاركه أشياء أخر (٥) في كل واحد منها على الانفراد، فلا بد أن تأتي بجميعها أو بما ينفرد منها به ليتم لك التمييز والتخليص الذي تريد إبانته.


(١) س: وجب.
(٢) س: الناطق.
(٣) م: تذكره.
(٤) س: وذلك.
(٥) م: أنواع أخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>