للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضها عن (١) بعض تحت جنس واحد. مثل أن تقول: حي، فيقول لك قائل: نفس الإنسان حي ونفس الحمار حي، فأي الحيين تعني فتقول: الحي (٢) الناطق الميت، فالناطق الميت فصلان، فصلا نوع الإنسان (٣) من نوع الحمار تحت جنس الحي، فهذا الفصل نريد، لا ما سواه. وهذا الذي يسميه الأوائل " خاص الخاص " فنقول: وبالله نستعين وبه التوفيق (٤) :

إن الفصل هو ما فصل طبيعة من طبيعة، فبان لنا به أن هذه غير هذه البتة مما إذا توهمنا أن ذلك الفصل معدوم مما هو فيه، مرتفع عنه، فقد فسد الذي هو فيه وبطل البتة، فإنك متى رفعت النطق والموت عن الإنسان لم يكن إنساناً أصلاً، بوجه من الوجوه، وهذا فرق ما بين الفصل والخاصة على ما يقع بعد هذا إن شاء الله تعالى. ولذلك سمي هذا الفصل ذاتياً فيما خلا قبل هذا. وبهذا الفصل تقوم الأنواع تحت الجنس وينفصل بعضها من بعض، ويتميز بعضها من بعض. ومنفعته عظيمة في كل علم، إذ قد يلزم بعض النامي ما لا يلزم بعضه، ويلزم بعض الحي ما لا يلزم سائره، فلولا الفصول المميزة لكل نوع على حدة، لاختلطت الأحكام والصناعات وجميع فوائد العالم، فلم تستبن.

واعلم أن هذه الفصول تسميها الأوائل " الجوهرية " للزومها ما هي فيه، فكأنها الجواهر (٥) لثباتها.

واعلم أن الفصول والأجناس والأنواع لا تقبل الأشد ولا الأضعف، ولا تقع على ما تقع عليه إلا وقوعاً مستوياً، ولا يجوز أن يكون إنسان أشد في أنه إنسان من إنسان آخر، ولسنا نعني المروة والذكرة (٦) ، لكن نعني في أنه آدمي وإنسان فقط، ولا يكون فرس أضعف فرسية من فرس آخر، ولا حمار أقوى حمارية من حمار آخر


(١) م: من.
(٢) الحي: سقطت من م.
(٣) م: الأنواع.
(٤) م: وبالله تعالى التوفيق.
(٥) م: الجوهر.
(٦) س: المروءة والمذكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>