للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نقول: إن الكيفيات أيضاً تنقسم قسمين أحدهما يسمى: " حالاً " وهو ما كان سريع الزوال كالغضب الحادث والطرب الحادث وحمرة الخجل وصفرة الفزع والقيام والقعود وما أشبه ذلك؛ والثاني يسمى " هيئة " وهو ما لم يعهد زائلاً عما هو فيه، إلا أن يتوهم زواله ويبقى الذي هو فيه بحسبه: كطبع الشح وطبع النزق وطبع السخف وكزرقة الأزرق وفطسة الأفطس وما أشبه ذلك.

وأما (١) الكيفية الجسمانية فهي تقع تحت الحواس وهي تنقسم قسمين: أحدهما يحيل ضده إذا لاقاه إلى طبعه فيسمى ذلك " فاعلاً " وهذا (٢) كالحر والبرد، فإن الحر إذا لاقى برداً لا يقاومه أكسب حامله حراً، والبرد إذا لاقى حراً لا يقاومه أكسب حامله برداً. والقسم الثاني يضعف هذا الأمر منه ويكثر فيه فعل القسم الأول، فيسمى هذا القسم الثاني " منفعلاً " وذلك مثل الرطوبة واليبس، فإن الحر إذا لاقى رطباً أيبسه، وقد يرطبه أيضاً، بأن تصعد إليه رطوبة.

ووقوع الكيفية الجسمانية تحت الحواس ينقسم خمسة أقسام: أحدهما ما يدرك بحس البصر، والثاني ما يدرك بحس السمع، والثالث ما يدرك بحس الشم، والرابع ما يدرك بحس الذوق، والخامس ما يدرك بحس اللمس باليد أو بجميع الجسد. وكل هذه الحواس موصلات إلى النفس، والنفس هي الحساسة المدركة من قبل هذه الحواس المؤدية إليها. وهذه الحواس إلى النفس كالأبواب والأزقة والمنافذ والطرق. ودليل ذلك أن النفس إذا عرض لها عارض أو شغلها شاغل بطلت الحواس كلها، مع كون (٣) الحواس سليمة، فسبحان المدبر، لا إله إلا هو.

وأما (٤) الذي يدرك بحس البصر فينقسم قسمين: أحدهما ما يدرك بالنظر بالعين مجرداً فقط، وليس ذلك شيئاً غير الألوان، والثاني ما أدركته النفس بالعقل والعلم وبتوسط اللون أو اللمس أو بهما جميعاً، كتناهي الطول والعرض، وشكل كل ذي


(١) م: فأما.
(٢) س: وهكذا.
(٣) م: على أن تكون.
(٤) م: فأما.

<<  <  ج: ص:  >  >>