للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شكل من مدور ومربع وغير ذلك، والحركة أو السكون أو [٢٤ظ] ضخم الجسم وضؤولته، وما أشبه ذلك. فإنك لما رأيت اللون قد انتهى وانقطع، علمت أن حامله قد تناهى فانتهى طوله، وكذلك علمت (١) بتناهيه من كل جهة كيفية شكل ذلك الجرم، وكذلك لما رأيت اللون منتقلاً من مكان إلى مكان علمت أن الحامل له منتقل (٢) ناقل له، وكذلك لما رأيت اللون ساكناً علمت أن حامله ساكن، وهذا كله (٣) يدركه البصير، والأعمى باللمس، كما قلنا في اللون، سواء سواء. فإنك إن لمست مجسة الشيء منتقلة، علمت أن حامل تلك المجسة متحرك، وإن لمستها ساكنة، علمت أن حاملها ساكن في مائية البصر وإدراكه (٤) . ومن هذا ما يدرك بتوسط اللون وحده والعقل فيوصلان إلى النفس ما أدركا وما فهم العقل بتوسط إدراكه وإدراك البصر معاً، كالمعاني المفهومة المعلومة من الخط في الكتاب، فإنك بتناهي ألوان الخطوط تعلم الحروف التي من تأليفها تفهم المعنى وكمعرفتك بهيئة الإنسان أنه خجل أو خائف أو مأسور أو غضبان أو ملك أو عالم وما أشبه ذلك. فمن معرفتك برؤية اللون ومعرفة الصفات عرفت من هو المرئي وما هو. وللكلام في مائية البصر وإدراكه للألوان مكان آخر. ولكن نذكر منه ها هنا طرفاً بحسب استحقاق هذا الديوان، وهو: إن البصر إذا لاقى ملوناً وانقطع علمت أن حامله قد انتهى وانتهى طوله، وكذلك علمت (٥) أنه خرج من الناظرين خطان يقعان على المرئي بلا زمان ويتشكل ذلك المرئي فيهما، وفي قوة الناظر قبول لجميع الألوان. وإنما قلنا بلا زمان، لأنك ترى الكواكب التي في الأفلاك البعيدة إذا أطبقت بصرك ثم فتحته بلا زمان. وكذلك إذا أطبقت بصرك ثم فتحته فإنك ترى أقرب الأشياء إليك في مثل الحال التي رأيت فيها الكواكب لا في أسرع منها، فصح أنه يقع على المرئي بلا زمان. وأيضاً فإن في الطريق إلى المرئي البعيد (٦) أشياء كثيرة لا يقع عليها البصر،


(١) وانقطع ... علمت: سقط من س.
(٢) م: الحامل منتقل له.
(٣) م: كله أيضاً.
(٤) في ... وإدراكه: سقط من م.
(٥) وانقطع.. علمت: سقط من م.
(٦) البعيد: لم ترد في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>