للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما بظلام (١) حواليها، وإما لاشتباه الألوان، فلو قطع الأماكن بنقلة زمانية لرأى الأقرب قبل الأبعد. وإنما قلنا بخروج الخطين من الناظرين دون الرأي الآخر الذي لبعض الأوائل، لأننا نقدر على صرف ذينك الخطين كيف شئنا، بمرآة تقابل مرآة أخرى فترد قوة النظر إلى قفا الناظر. وقد ترد ذينك الخطين أيضاً الأبخرة المتصاعدة والماء وغير ذلك، وبمرآة تنظر فيها فينعكس ذانك الخطان فترى وجهك. وكذلك أيضاً (٢) ينعكس الصوت الخارج من الصائح قبالة جبل بعد أن يقرع الجبل فيرجع إلى أذن ذلك الصائح، فيسمع صوته نفسه كأن مكلماً آخر رد [٢٥و] عليه مثل كلامه، وفي هذا كفاية.

وأما المحسوس بالسمع فينقسم قسمين: أحدهما الإدراك بسمع الأذن نفسه بذاته بلا واسطة (٣) ، لكن بملاقاة الهواء المندفع ما بين المصوت، أي شيء كان، وما يقرع أو ما يقرعه، بالطبع الذي ركبه فيه الباري عز وجل إلى صماخ (٤) أذن السامع. وهو يقطع الأماكن في مدة متفاوتة على قدر البعد والقرب وقوة (٥) القرع وضعفه، فلذلك صار بين أول القرع الذي هو عنصر الصوت وبين سماع السامع له مدة؛ وإنا نستبين (٦) ذلك إذا كان المصوت منك على بعد جداً فحينئذ يصح أن له مدة كالذي يشاهد (٧) من ضرب القصار الأرض بالثوب فنراه حين يفعله (٨) بلا زمان ثم يقيم (٩) حيناً، وحينئذ يتأدى إلينا الصوت. وهكذا القول في الرعود الحادثة مع البروق فإن البرق يرى أولاً حين حدوثه في الجو بلا مهلة ثم يقيم (١٠) حينئذ حيناً ثم يسمع الرعد، ذلك تقدير العزيز العليم.


(١) م: لظلم.
(٢) أيضاً: سقط من س.
(٣) م: بلا توسط.
(٤) صماخ: في م وحدها.
(٥) م: في قوة.
(٦) م: وإنما يستبين.
(٧) م: نشاهد.
(٨) س: يقلعه.
(٩) م: نقيم.
(١٠) م: ونقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>