للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الغرض المقصود بالإضافة في هذا المكان (١) فهو نسبة شيئين متجانسين ثبات كل واحد منهما بثبات الآخر يدور عليه ولا ينافيه. ومعنى قولنا متجانسين أي أنهما تحت جنس واحد من المقولات العشر التي قدمنا أنها أجناس الأجناس. والمضافان هما الشيئان اللذان لا يثبت واحد منهما إلا بثبات الآخر. وبالجملة فإن الأوائل لما رأوا شيئين لا يثبت (٢) أحدهما إلا بثبات الآخر، رأوا أن (٣) ضم كل واحد منهما إلى صاحبه معنى ثالث غيرهما، فجعلوا ذلك [٢٦و] المعنى رأساً من رؤوس المقولات وهو الإضافة، فتكلموا عليه مجرداً، وإن كان لا يتجرد، لكن كما تكلموا على الكيفية مجردة وعلى الكمية مجردة، وعلى الجوهر مجرداً، وإن كان الجوهر لا يخلو أبداً من كيفية وكمية وزمان ومكان، ولا تخلو الكيفية من جوهر يحملها، ولا تخلو الكمية من معدود، ولا الزمان من ساكن أو متحرك، ولا المكان من متمكن، لكن لتخلص الأشياء المتغايرات ويتبين (٤) لكل طالب للعلم حكم كل شيء على انفراده، فإنما أتت البلية في الآراء والديانات من قبل امتزاج الكلام والضعف عن تخليص حكم كل شيء لما هو مخصوص به دون غيره.

والمضاف ينقسم قسمين لنظير ولغير نظير، فالنظير هو الذي يتفق فيه المضافان بالأسم والإضافة معاً، كقولك: المصادق أو الجار أو الأخ أو المعادي (٥) فإنه لا يكون أحد مصادقاً لأحد إلا وذلك الآخر مصادق له وكذلك المعادي والأخ والجار. وأما (٦) الذي يخرج من باب هذه الإضافة فالصديق والعدو فقد يكون المرء صديقاً لمن ليس هو (٧) له صديقاً أي محباً وكذلك العدو فقد يعادي الإنسان من يحبه ككثير من الأبناء لآبائهم وبعض الأزواج لبعضهم. وأما غير النظير فينقسم قسمين: أحدهما ما كانت فيه ذات كل أحد (٨) من المضافين موجودة قبل الإضافة، مثل


(١) م: الكتاب.
(٢) م: يثبت كل.
(٣) رأوا أن: وأن في س.
(٤) م: ولكن ليخلصوا ... ويبينوا.
(٥) ربط بين هذه الألفاظ بواو العطف في م.
(٦) م: وإنما.
(٧) هو: سقطت من س.
(٨) م: واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>