للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصفاً، ورتبوا في ذلك أيضاً كون النوعين معاً تحت جنس واحد أي مستويين فيه كالفرس والحمار تحت جنس (١) الحي، وكل هذه الأقسام ترجع إلى ال " مع " الزماني ولا تخرج عنه. وذكروا شيئاً (٢) سموه " القدمة "، وهذه لفظة أستعملها أهل اللغة العربية فيما تقدم زمانه زمان غيره كقولهم: الشيخ أقدم من الغلام، ودولة بني أمية أقدم من دولة بني العباس، وما أشبه ذلك، وأما أهل الكلام فإنهم استعملوها في الخبر عن المخلوقات والخالق تعالى فسموا الواحد الأول عز وجل قديماً ونحن نمنع من ذلك ونأباه ولا نزيل القديم والقدم عن موضعهما (٣) في اللغة ولا نصف به الخالق عز وجل البتة. وقد قال عز وجل: " كالعرجون القديم " يريد البالي الذي مرت عليه أزمنة محيلة (٤) له بتطاولها، ونضع مكان هذه العبارة لفظة " الأول "، والإخبار بأنه تعالى لم يزل، وأن جميع ما دونه وهي كل المخلوقات لم تكن ثم كانت، وأن كل شيء سواه تعالى محدث مخلوق، وهو خالق أول واحد حق لا إله إلا هو. وذكر الأوائل أشياء في القدمة ليست صحيحة منها: أن الجنس أقدم من النوع بالطبع [٣٣ظ] من أجل أنه مذكور في الرتبة قبله، وهذا لا معنى له لأن الجنس هو جملة أنواعه نفسها، فلا يكون الشيء أقدم من نفسه، ولا يجوز أن يكون الكل أقدم من أجزائه.

وذكروا أيضاً أن المدخل إلى العلوم أقدم من العلوم وهذا خطأ لأن العلم موجود في الطبيعة [أي بالقوة فيها] قبل دخول الداخل إلى طلبه.

وذكروا أيضاً قدمة الشرف وهذا فاسد البتة إلا إن (٥) كان ذلك في اللغة اليونانية، واغتر بعضهم في ذلك في اللغة العربية في قولهم: " فرس عتيق " فظنوه بمعنى قديم كقولهم: " رجل عتيق " (٦) ، أي قديم، وليس كذلك، لأن العتيق في اللغة


(١) م: نوع.
(٢) س: أشياء.
(٣) م: موضعهما.
(٤) س: مختلفة.
(٥) س: بأن.
(٦) فظنوه ... عتيق: سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>