للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أتاك خصمك بمقدمة مهملة فقرر معه معناها: العموم (١) أراد أو (٢) الخصوص، أي على الكل يحملها أو على بعض ما يقتضيه اللفظ الذي تكلم به، وتحفظ من إهمال هذا الباب، وإذا قضيت قضية فنفاها خصمك فتأمل فإن كان ما أوجبت ونفى هو من ذوات الوسائط فحقق عليه في أن يبين ما أراد كقولك: زيد أبيض، فيقول هو: ليس زيد بأبيض، فإنه لا يلزمه بهذا القول أن يكون زيد أسود، ولعله أراد أنه أحمر أو أصفر. ومثال هذا في الشرائع أن تقول: أمر كذا حرام فيقول خصمك ليس بحرام أو تقول أمر كذا واجب، فيقول خصمك: ليس بواجب، فإنه في قوله ليس بحرام ليس يلزمه أنه واجب ولا في قوله إنه ليس واجباً أنه حرام، بل لعله أراد أنه مباح فقط. وأما غير ذوات الوسائط فلا تبال (٣) عن هذا لأنك إن قلت: زيد حي فقال خصمك: هو غير حي فقد أوجب أنه ميت ضرورة، ولا واسطة (٤) هاهنا، ولقد لزمه القول بموته (٥) فانظر أنه قد يكون معنى النفي بلفظ الإيجاب إلا أن ذلك ليس شرطاً عاماً تثق النفس به بل هو في مكان دون مكان لأنك تقول: فلان ميت فيقول خصمك: فلان يكتب أو فلان حي فهذا معنى صحيح في نفي الموت ولكن لا تثق بهذا؛ فإنك إذا قلت: فلان متكيء فيقول خصمك: فلان جالس فقد تكونان معاً كاذبين بأن يكون المخبر عنه قائماً، وحقيقة النفي هو ما صدق أحدهما وكذب الآخر، فإذا أردت حقيقة النفي ورفع الإشكال فلا بد من أحد حروف النفي التي قدمنا ذكرها فتأمن من (٦) الغلط، ولهذا قال المتقدمون: إن لكل موجبة سالبة واحدة، ولكل سالبة موجبة واحدة، أي أن ذلك لا يكون إلا بإدخال حرف النفي فقط، والله أعلم بالصواب.


(١) زاد في هامش س " هل " قبل لفظة " العموم ".
(٢) م: أم.
(٣) س: تبالي.
(٤) م: وسط.
(٥) س: وقد لزمه الموت بقوله.
(٦) من: سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>