للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمى بعض المتقدمين قول القائل: كل إنسان حي، وقول المخالف له: ليس (١) كل إنسان حياً، " ضداً "، وسمى قول القائل: كل إنسان حي وقول الآخر لا بعض الناس حي، " نقيضاً " وذكر أن النقيض أشد مباينة من الضد، واحتج بأن قال إن القضيتين الأوليين اللتين سميناهما ضداً كلتاهما كلية، الواحدة موجبة والأخرى نافية، والقضيتان الأخريان اللتان سميناهما نقيضاً، الواحدة كلية والثانية جزئية، والواحدة موجبة والثانية نافية، فإنما اختلفت الأوليان (٢) في جهة واحدة وهي الكيفية فقط أي في الإيجاب والنفي، وهما متفقتان في الكمية أي أن كلتيهما كلية، واختلفت الأخريان في جهتين: إحداهما الكيفية، أي الإيجاب والنفي كاختلاف قضيتي الضد، والثانية الكمية وهي أن الواحدة كلية والثانية جزئية. قال: فما اختلف من جهتين أشد تبايناً مما اختلف من جهة واحدة. ونحن نقول: إن هذا خطأ وإن هذا القائل إنما راعى ظاهر اللفظ دون حقيقة المعنى، وإن قضاء هذا القائل وإن كان صادقاً في عدد وجوه الاختلاف، فهو قضاء كاذب في شدة الاختلاف، ولو كان (٣) قال مكان أشد " أكثر " لكان حقاً. بل نقول: إن التي تسمى ضداً، ونحن (٤) نسميها " نفياً عاماً " إن (٥) شئت، أو " نقيضاً عاماً "، أشد تبايناً من [٤١و] الأخرى التي نسميها " نقيضاً خاصاً " لأن قائل الأولى نفى جميع ما أوجبه الآخر وكذبه في كل ما حكى، ولم يدع معنى من معاني قضيته إلا وخالفه فيها وباينه في جميعها. وأما الثانية فإن قائلها إنما نفى بعض ما أوجبه (٦) الآخر وأمسك عن سائر القضية فلم ينفها ولا أوجبها ولا خالفه فيها ولا وافقه، وإنما باينه في بعض قضيته لا في كلها، والمباين في الجميع أشد خلافاً من المباين في البعض.


(١) له: سقطت من س؛ ليس: لا في م.
(٢) س: اختلف الأولتان.
(٣) كان: سقطت من م.
(٤) س: فنحن.
(٥) س: أو ان شئت، ونقلت " أو " إلى ما بعد الفعل، وهو أصوب، كما في م.
(٦) س: أوجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>