للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس واحد من الخيل ناطقاً، وليس شيء من النطق في هذا الفرس.

والنفي الجزئي، وهو نفيك الصفة عن بعض النوع لا عن كله، تنطق به بلفظ جزئي وبلفظ كلي [ ... ] (١) ومعنى هذين اللفظين واحد لا اختلاف فيه، أحدهما ظاهره العموم والثاني ظاهره الخصوص.

والإيجاب الكلي وهو إثباتك الصفة لجميع النوع لا يكون إلا بلفظ كلي إما بسور كما قدمنا، وإما مهمل يقصد به العموم كقولك: كل إنسان حي، أو كقولك: جميع الناس أحياء، أو تقول، الإنسان حي، وأنت لا تريد شخصاً واحداً بعينه، أو تقول: الناس أحياء وأنت لا تريد بعضاً منهم.

والإيجاب الجزئي وهو إثباتك الصفة لبعض النوع لا يكون أصلاً إلا بلفظ جزئي كقولك: بعض الناس كتاب، فأفهم هذه الرتب وتثبت فيها.

وقد قال [٤٠ظ] بعض المتقدمين إن القائل إذا أتى بقضية مهملة فقال: الإنسان كاتب، ان الأسبق إلى النفس أن مراده بذلك بعض النوع لا كله. وأما نحن فنقول: إن هذا القول غير صحيح وإن هذه المهملات يعني الألفاظ التي تأتي في اللغة: مرة للنوع كله، ومرة للشخص الواحد، ومرة لجماعة من النوع، فإنها إن لم يبين المتكلم بها أنه أراد شخصاً واحداً من النوع، أو بعض النوع دون بعض، أو لم يقم على ذلك برهان ضروري، أو مقبول، أو متفق عليه من الخصمين، فلا يجوز أن تحمل على عموم النوع كله لأن الألفاظ إنما وضعت للإفهام لا للتلبيس. وكل لفظة فمعبرة عن معانيها ومقتضية لكل ما يفهم منها، ولا يجوز أن يكلف المخاطب فهم بعض ما تقتضيه اللفظة (٢) دون بعض، إذ ليس ذلك في قوة الطبيعة البتة، بل هذا من الممتنع الذي لا سبيل إليه ومن باب التكهن، إلا باتفاق منهما أو ببيان زائد، وإلا فهي سفسطة وشغب وتطويل بما لا يفيد ولا يحقق معنى.


(١) زاد في س: لأنك تقول [ليس] بعض الناس كاتباً؛ وهو كلام ناقص، ولا وجود له في م؛ وهو نقص لم تسعف النسختان على استكماله.
(٢) س: يقتضيه اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>