للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلية، ثم يقول خصمك أو أنت: كل إنسان حي، فليست هذه الجزئية معارضة لتلك الكلية أصلاً ولا منافية لها بل هي بعضها وداخلة تحتها، ومثل هذا في الشريعة قول الله عز وجل: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (المائدة: ٣٨) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " القطع في ربع دينار ". فهذه الجزئية بعض تلك الكلية وتفسير لجزء من أجزائها وليست دافعة لها ولا لشيء منها أصلاً، ولا مانعة من القطع في أقل من ربع دينار إلا بإدخال حرف النفي فينتفي حينئذ ما نفاه اللفظ الجزئي ويكون ذلك كقول القائل: الحساس ناطق ثم يقول بعد ذلك: لا ناطق إلا الإنسان (١) والملك والجني، فتكون هذه الجزئية مبينة لمراد القائل: الحساس ناطق أي أنه أراد بعض الحساسين (٢) لا كلهم، وليس ذلك كذباً لأن الحساس يقع على الإنسان أي يوصف به كما يقع على كل حي. وهكذا (٣) القول في الكليات من النوافي [٤٦و] والجزئيات منها ولا فرق، وبالله تعالى التوفيق.

فقد أتينا على كل ما بطالب الحقائق والإشراف على صحيح معاني الكلام إليه فاقة وضرورة من أحكام الأخبار وهي الأسماء المركبة، وبقيت أشياء تقع، إن شاء الله عز وجل، في الكتاب الذي يتلو هذا، وهو كتاب صناعة البرهان. ولم أترك (٤) إلا أشخاص تقاسيم من موجبات وسوالب، من البسائط (٥) والمتغيرات والمحصورة والمهملة ومن المخصوصة ومن الإثنينية والثلاثية والرباعية لا يحتاج إليها، وإنما هي تمرن وتمهر لمن تحقق بهذا العلم تحققاً يريد ضبط جميع وجوهه. وإنما هذه المسائل التي تركنا كالنوازل الموضوعة في الفقه كقول القائل: رجل مات وترك عشرين جدة متحاذيات وعشرين من بنات (٦) البنين وبني البنين بعضهم أسفل من بعض في درج مختلفة، فمثل هذا لا يحتاج إليه لأنه لا يمر في الزمان ولكنه تمهر


(١) س: إنسان.
(٢) س: الحساس.
(٣) س: وهذا.
(٤) م: نترك.
(٥) س: الوسائط.
(٦) س: عمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>