للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما أن تكون إحدى المقدمتين قد جمعت الأمرين معاً: العموم والإيجاب، وإما أن تكون المقدمتان اقتسمتا الأمرين فكانت الواحدة كلية والثانية موجبة، وإما أن تكون كل واحدة منهما كلية موجبة (١) .

واعلم أنا قدمنا أن أقل (٢) القضايا قضية من كلمتين موضوع ومحمول، بمعنى مخبر عنه وخبر، فإذا أردت أن تجمع قضيتين يقوم منهما برهان، فلا بد لك (٣) من أن يكون في كلتا القضيتين لفظة موجودة في كل واحد منهما، أي تتكرر تلك اللفظة في كل واحدة من المقدمتين. ولا بد من ان يكون في كل واحدة منهما لفظة تنفرد بها ولا تتكرر في الأخرى، إذ لو اتفقنا في المخبر عنه والخبر لكانت القضيتان قضية واحدة ضرورة، كقولك: كل إنسان حي، وكل حي جوهر، فهاتان قضيتان قد تكرر ذكر الحي في كل واحدة منهما، وهذه اللفظة المتكررة كما ذكرنا تسميها الأوائل (الحد المشترك) من أجل اشتراك القضيتين فيه، وقد انفردت كل واحدة منهما بلفظة فانفردت الأولى بالإنسان لأنه ذكر فيها ولم يذكر في الثانية، ولو ذكر لكانت الثانية هب الأولى نفسها، وانفردت الثانية بالجوهر ولم يذكر في الأولى ولو ذكر لكانتا (٤) واحدة، فافهم هذا واضبطه، إن شاء الله عز وجل.

واعلم أن القضايا البسيطة المحصورة [٤٨و] تنقسم قسمين: قسماً ينعكس وقسماً لا ينعكس، والانعكاس هو أن تجعل الخبر مخبراً عنه موصوفاً، وتجعل المخبر عنه خبراً موصوفاً به، من غير أن يتغير المعنى في ذلك أصلاً، بل إن كانت القضية موجبة قبل العكس فهي بعد العكس موجبة، وإن كانت نافية قبل العكس فهي بعد العكس نافية، وإن كانت صادقة قبل العكس فهي بعد العكس صادقة، وإن كانت كاذبة قبل العكس فهي بعد العكس كاذبة، إلا أنه في بعض المواضع تكون القضية كلية قبل العكس، وجزئية بعد العكس لا يحيلها (٥) العكس بغير هذه البتة، وإنما نعني بهذا العكس ما (٦) لا يستحيل أبداً فيما ذكرنا قبل.


(١) وأما أن تكون كل ... موجبة: في م وحدها.
(٢) أقل: سقطت من م.
(٣) لك: سقطت من س.
(٤) س: لكانت.
(٥) يحيلها: في م وأصل س، وبهامش س لا تختلف في.
(٦) م: الذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>