للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التي قد تنعكس كما ذكرنا في بعض المواضع وربما أيضاً تتبدل إذا عكست، إما من صدق إلى كذب، وإما من كذب إلى صدق، وإما من نفي إلى إيجاب، وإما من إيجاب إلى نفي، فهذه هي القسم الذي قلنا فيه إنه لا ينعكس، وليس هذا القسم مما يتعنى به في إقامة البرهان لأنه قد يخون وليس بمستمر الصدق أبداً. والعكس الذي ذكرنا إنما هو تبدل مواضع الألفاظ في القضية فقط.

وقد قدمنا وجوه أقسام الصفات في الموصوفين قبل وأنها ستة (١) : فوصف الشيء بما هو واجب له ينقسم قسمين: إما أعم منه كالحياة للإنسان فإنها تعمه وتعم معه أنواعاً (٢) كثيرة سواه، وإما مساو (٣) كالضحك لإنسان، فإنه لكل إنسان وليس لغير الناس أصلاً، ولا يجوز أن يكون أخص البتة. ووصف الشيء بما هو ممكن له ينقسم قسمين: إما أعم كالسواد فإنه في بعض الناس وفي أشياء من غير الناس، وإما أخص كالطب فإنه في بعض الناس دون بعض وليس لغير الناس ولا يجوز أن يكون مساوياً أصلاً، لأنه لو كان مساوياً لكان واجباً، والواجب غير الممكن. ووصف الشيء بامتناعه بما هو ممتنع فيه فيكون (٤) أعم كوصف الإنسان بأنه ليس حجراً، فإن هذا الوصف يعمه ويعم كل حيوان، وقد يمكن أن يوجد مساوياً كنفي الجمادية عن الحيوان.

ثم نرجع إلى بيان العكس فنقول وبالخالق الواحد نتأيد: إن النافية الكلية تنعكس نافية كلية فنقول: لا واحد من الناس حجر، فإذا عكست (٥) قلت: لا (٦) واحد من الحجارة إنسان. واعلم أن كل (٧) ما انعكس كلياً فإنه ينعكس جزئياً، إذ كل ما أوجبته للكل فهو موجب لكل جزء من أجزائه التي تسمى باسمه، وكل ما نفيته عن الكل فهو منفي عن كل جزء من أجزائه التي [٤٨ظ] تسمى باسمه، نريد بالأجزاء


(١) م: خمسة.
(٢) س: أنواع.
(٣) م: مساوياً.
(٤) م: يكون.
(٥) م: عكستها.
(٦) م: ولا.
(٧) كل: سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>