للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن هذا الفصل لا يكون صحيحاً إلا بعد ذكرك جميع ما توجبه الطبيعة من الأقسام كلها، ثم تقصره منها على بعضها دون بعض، وأما إن لم تذكر أولاً جميع الأقسام (١) وابتدأت بذكرك (٢) بعض الأقسام مقتصراً عليها في القسمة فقد أسأت العمل، والصواب عنك (٣) ممنوع إلا من جهة واحدة لا ينبغي لك أن تتكل عليها (٤) ، وهي (٥) أن يتفق لك صحة وقوع أحد الأقسام التي ذكرت على الشيء الذي تطلب معرفة صحة حكمه، فإنك حينئذ إذا صححت ذلك القسم [٥٨ظ] الموافق خاصة صادفت الحق غير محسن في إصابته لكن كإنسان أوقعه البخت على كنز، وذلك نحو قولك: هذا الشيء إما حار وإما بارد لكنه حار، فإن كنت قد أصبت في وصفه بالحر حقيقة طبعه فقد أنتج لك ذلك بطلان كل قسم ذكرته أو لم تذكره، وإن نفيت في هذا العمل أحد القسمين اللذين ذكرت فإنه لم يصح لك شيء بعد، وذلك نحو قولك هذا الشيء إما حار وإما بارد، لكنه ليس بحار فاعلم أنك لم تصب بعد حقيقة طبعه ولا أثبت له البرد، لأنك أسقطت القسم الثالث وهو المعتدل، فلعله معتدل إذ ليس حاراً فلا يكون أيضاً داخلاً في القسم الثاني الذي ذكرت وهو البارد. ولو كان تقسيمك موعباً لارتفع الإشكال على ما قدمنا قبل وأنت إذا قطعت في القسمة الناقصة على أنه لا بد من أحد الأقسام التي ذكرت فالكذب حصتك من هذا الخبر والفضيحة صفتك فيه، وهاتان صفتا سوء، والأمر لله (٦) من قبل ومن بعد. فاحفظ هذه المعاني وميزها إذا مرت بك في جميع مطالبك وفتش عنها في كل ما يرد عليك فإنك تستضيء في العلم ضياءً تاماً وتشرف على عجائب تفرج عنك هموماً عظيمة إن كنت ممن يهتم بالحقائق.

واعلم أن إيرادك في التقسيم لفظة إما أو لفظة أو، أو أنه لا يخلو من كذا وكذا، أو لا بد من كذا وكذا، أو هذا ينقسم كذا وكذا قسماً، منها كذا ومنها كذا، أو لا


(١) كلها ... الأقسام: سقط من س.
(٢) س: فلو ابتدأت بذكر.
(٣) عنك: سقطت من س.
(٤) س: تنكل عنها.
(٥) س: وهو.
(٦) م: ولله الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>