للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل لوضوحه واستواء السامعين في علمه. والفلج (١) في المناظرة هو ظهور البرهان الحقيقي فقط، وليس انقطاع الخصم فلجا (٢) ، فقد ينقطع جهلا أو خوفا أو لشغل بال طرقه، وكل ذلك ليس قطعا للحق إن كان بيده. وليست شهادة الحاضرين بالغلبة لأحدهما شيئا إذ قد يكونون موافقين في رأيهم لرأي الذي شهدوا له فسبيلهم وسبيله واحدة (٣) ، والإنصاف في الناس قليل. وقد يكونون غير محصلين لما (٤) يقولون ولا فهماء ما (٥) يسمعون وهذا كثير جدا. وأما من انقطع عن معارضة خصمه عجزا عن الجواب لا لخوف مانع فهو المغلوب لا قوله، وإن كان ذلك عن حقيقة برهان فهو مغلوب وقوله معا، ولا يضر ما صح بالبرهان عجز معتقده عن نصره، ولا يقوى ما لم يصح ببرهان لتمويه من مموه (٦) في نصره بالسفطسة. والبرهان لا يتعارض أبدا فما صح ببرهان فلا يبطله برهان آخر أبدا إلا أن يكون مما يستحيل، كبرهان صح بحياة زيد أمس ثم صح آخر بموته اليوم. وهكذا كل ما يمكن تنقله ولا ينتقل شيء مما ذكرنا مما صح [٨٥و] ببرهان إلا برهان آخر، وإلا فحكم البرهان الأول باق. ولا ينتقل الشيء عن الإمكان إلى الوجوب إلا ببرهان، ولا ينتقل بعد الوجوب إلى الإمكان إلا ببرهان، والمعاندة والمكابرة عار وإثم وسخف.

واعلم أن السائل إذا قال لخصمه: ما قولك في كذا فالجواب مفوض إلى المسؤول يجيب بما شاء. وأما إذا قال له: أمر كذا أحق هو فلابد من أن يجيب إما بنعم أو بلا كما قدمنا - (٧) ، كسائل سأل فقال: ما تقول في الأرض أكرية أم لا، فلابد له من نعم أو لا. أو لو قال له: ما تقول في لحوم الحمر الأهلية (٨) أحلال أم لا فكذلك أيضا، أو قال له هل الخلاء موجود أو لا فلابد من نعم


(١) س: والفلح.
(٢) س: فلحاً.
(٣) س: واحد.
(٤) س: ما.
(٥) س: بما.
(٦) م: بتمويه من موه.
(٧) كما قدمنا: سقط من س.
(٨) لحوم الحمر الأهلية: الخمر في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>