للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفاضل أن لا يضايق في ذلك رغبة منا في إظهار الحق، وقلة سرور بالغلبة الظاهرة (١) . وهكذا نحب لكل من اتبع طريقتنا (٢) . ومن أذن لخصمه في أن يكون السائل فواجب عليه في حكم المناظرة أن يجيب، فإن لم يفعل فعن ظلم أو عجز (٣) ، إلا أن يكون هناك أمر مخوف يمنع من البوح بالجواب فلسنا نتكلم مع المخاوف، وإنما المناظرة مع الأمن، إلا من بذل نفسه لله تعالى وعرف ما يطلب وما يبذل في ذلك فله الفوز إن أراد نصر الإسلام أو الحق فيما اختلف فيه المسلمون فقط. ولا أرى (٤) أن ينزل المسلم العاقل عن نفسه (٥) التي (٦) لا شيء موجود في وقته من الخلق أعز عليه منها ولا أوجب حرمة إلا فيما فيه فوزها الأبدي فقط، فالعاقل لا يرى لنفسه ثمنا إلا الجنة (٧) .

ومن سأل فأجابه خصمه فسكت عن المعارضة فإما أن يكون صدق الجواب وإما أن يكون عجز عن المعارضة (٨) وهذا مكان قد انقطعت فيه المناظرة التي ابتدآها إلا أن يستأنفا أخرى، اللهم إلا من خوف كما قدمنا (٩) ، إلا أن يكون المجيب يأتي بما لا يعقل أو بقحة ومباهتة أو بما هو من غير ما سئل عنه، جهلا أو مكابرة، فمن هذه صفته فسكوت الخصم عن معارضته واجب (١٠) ، إلا بإخباره بأن الذي أتى به ليس مما هما فيه ويبين الدليل على ذلك فقط، إلا ما كان من ذلك لا يحتاج إلى


(١) الظاهرة: سقطت من س.
(٢) س: طريقنا.
(٣) س: جهل.
(٤) م: نرى.
(٥) م: يبذل ... نفسه.
(٦) التي: سقطت من س.
(٧) كرر ابن حزم رأيه هذا في " مداواة النفوس " (رسائل ابن حزم ١: ٣٣٨) فقال: لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها، وليس ذلك إلا في ذات الله عز وجل، في دعاء الحق، وفي حماية الحريم، وفي دفع هوان لم يوجبه عليك خالقك تعالى، وفي نصر مظلوم، وباذل نفسه في عرض دنيا كبائع الياقوت بالحصى ... وقال: العاقل لا يرى لنفسه ثمناً إلا الجنة.
(٨) فإما أن يكون ... المعارضة: سقط من س.
(٩) كما قدمنا: سقط من س.
(١٠) س: جواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>