للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد وسلم

٥٦ - كتب محمد - رحمه الله - في جانب كتاب الكندي صاحب هذا الكتاب لمن فهمه عنه:

لاشك فيه أنه غير صحيح الإيمان، غير عالم بربه، غير ذي بصيرة في شيء، لأنه تناقض في كلامه واضطرب اضطرابا يخبر أنه لم يحصل ما يقول.

٥٧ - أول ذلك العلة والمعلول التي كفر فيهما في كتابه في التوحيد هو ما قد جاء بهما كما هنا، فبعد أن أوجب الإيجاب التام الجيد ونفى عن التوحيد كل ما ينغصه من المضاف والنوع والجنس وسائر المقولات، زعم أن الواحد علة ما خلق، والعلة لا تكون إلا جنسا، والعلة لا تكون إلا مضافة، والعلة من كل جهة لا تكون مع الوحدة الصحيحة في قوله وبما أوجب بلسانه، فحسبه بهذا عيا وكفرا وضلالا.

٥٨ - ثم جعل تناقص النبوة في هذا الكتاب بما يدخل عليه، أن جعل ربه علة، دخولا كدخوله عليهم أو أشد، وكذلك الكفر ما نقص ضربا منه نقص أجناسه كلها، وإنما هلك المسكين لأنه بعد أن نفى عن الخالق شبه المخلوق في شيء من صفاته، جعل يطلب خالقه بما يتمثل لعقله كطلب المخلوق سواء سواء. ولو لم يعرف إذا بلغ الحد الذي وقفت الغايات إليه كيف ينفذ إلى إيجاب وجود الخالق بما يخالف وجود المخلوق، وأراد أن يسلك فيها سبيلا واحدا بعد أن أوجب في مبادي كلامه أن سبيل وجودهما مختلف، فلعمري ما أرى الكلام الصحيح الذي قدمه في كتاب " التوحيد "، والذي يجري في داخل كلامه في هذا الكتاب، إلا ما حفظ من كلام غيره من الأوائل الموحدين: أرسطاطاليس وأفلاطون وأبقراط ومن وحد منهم، حتى إذا رجع إلى محصول نفسه جاء حينئذ بالاختلاط والضلال، فليتق عبد على نفسه، فإن النظر في مثل [١٠١ظ] هذه الكتب لمن يعرف الله معرفة تامة تهلكه وتكفزه وتخسره آخرته وتوجب عليه عذاب الأبد السرمد، وأين من يعرف ربه كانوا إذ كانوا، وقد والله

<<  <  ج: ص:  >  >>