للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلامهم فتوجه لها الوجوه البعيدة، لأنهم لا يوقعونها سدى ولا يلقونها هملاً، وأما المحبوب فصعدة ثابتة وقضيب مناد (١) ، يجفو ويرضى متى شاء لا لمعنى؛ وفي ذلك أقول: [من الكامل]

ليس التذلل في الهوى يستنكر ... فالحب فيه يخضع المستكبر

لا تعجبوا من ذلتي في حالة ... (٢) قد ذل فيها قبلي المستنصر

ليس الحبيب مماثلا ومكافياً ... فيكون صبرك ذلة إذ تصبر

تفاحة وقعت فآلم وقعها ... هل قطعها منك انتصاراً يذكر خبر:

وحدثني أبو دلف الوراق عن مسلمة بن أحمد الفيلسوف المعروف بالمجريطي (٣) أنه قال في المسجد الذي بشرقي مقبرة قريش بقرطبة الموازي لدار الوزير أبي عمر أحمد بن محمد بن حدير (٤) رحمه الله:


(١) برشيه: مياد.
(٢) هذه هي قراءة برشيه، وبها أخذ غومس في ترجمته (ص: ١٥٥) ؛ ولابد أن تكون موجهة إلى شخص بعينه حينئذ، وهو هنا المستنصر الأموي ابن الناصر، وهذا على سبيل المبالغة في القياس، وإلا فليس لدينا من الأخبار ما يؤكد أن المستنصر ذل في الحب.
(٣) مسلمة بن أحمد المجريطي (وتكتب أحياناً المرجيطي) أبو القاسم (- ٣٩٩) إمام الرياضيين في عصره بالأندلس، كان فلكياً له عناية برصد الكواكب وشغف بتفهم المجسطي لبطليموس وله كتاب تمام علم العدد، وكتاب اختصر فيه تعديل الكواكب من زيج البتاني، ومؤلفات أخرى (انظر طبقات الأمم: ٦٩ والصلة: ٥٨٩ و Brock. S I ٤٣١ و Sezgin، II)
(٤) أحمد بن محمد بن سعيد بن موسى بن حدير أبو عمر (٢٥٥ - ٣٢٧) قرطبي، ولي خطة الوزارة وأحكام المظالم وكان صلباً في أحكامه مهيباً، حج سنة ٢٧٥. وهو أخو موسى الحاجب (الذي ولد ٢٥٦) أيام الأمير عبد الله وولاه المدينة ٢٨٧؛ ولأحمد ولد اسمه سعيد وكنيته أبو عثمان (ابن الفرضي ١: ٤٩) ؛ وذكر ابن حزم أن أحمد بن موسى بن حدير صاحب السكة كان من شيوخ المعتزلة وبينه وبين منذر بن سعيد البلوطي (سيجيء التعريف به) مراسلات (الفصل ٤: ٢٠٢ - ٢٠٣) وهناك منهم عبد الرحمن بن موسى بن محمد بن حدير، توفي سنة ٣٦٩ (ابن الفرضي ١: ٣٠٧) وأحمد بن محمد بن حدير وكان خازن العسكر زمن المستنصر (المقتبس / بيروت ٢١٠) ومن بني حدير موسى بن محمد بن حدير المعروف بالزاهد وكان اخبارياً ممتعاً حافظاً لاخبار بني أمية، ويذاكر الأمير عبد الله بذلك، (المقتبس نشر انطونية: ٤٤ - ٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>