للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا المسجد كان مربض (١) مقدم الأصفر أيام حداثته لعشق بعجيب فتلا الوزير أبي عمر المذكور، وكان يترك الصلاة في مسجد مسرور وبها كان (٢) سكناه، ويقصد في الليل والنهار إلى هذا المسجد بسبب عجيب، حتى أخذه الحرس غير ما مرة في الليل في حين انصرافه عن صلاة العشاء الآخرة، وكان يقعد وينظر منه إلى أن كان الفتى يغضب ويضجر ويقوم إليه فيوجعه ضرباً ويلطم خديه وعينيه، فيسر بذلك ويقول: هذا والله أقصى أمنيتي قرت عيني، وكان على هذا زماناً يماشيه.

قال أبو دلف: ولقد حدثنا مسلمة بهذا الحديث غير مرة بحضرة عجيب عندما كان يرى (٣) من وجاهة مقدم بن الأصفر وعرض جاهه وعافيته، فكانت حال مقدم بن الأصفر هذا قد جلت جداً واختص بالمظفر بن أبي عامر اختصاصاً شديداً واتصل والدته وأهله، وجرى على يديه من بنيان المساجد والسقايات وتسبيل (٤) وجوه الخير غير قليل، مع تصرفه في كل ما يتصرف فيه أصحاب السلطان من العناية بالناس وغير ذلك.

خبر:

وأشنع من هذا أنه كانت لسعيد بن منذر بن سعيد (٥) صاحب


(١) مربض: قراءة برشيه، وهي الصواب، إذ القرينة تدل على انه كان يلزم المسجد لرؤية عجيب.
(٢) لعل الصواب: وبه كانت، كما قرأ برشيه.
(٣) قرأها برشيه: يبرم.
(٤) في أكثر الطبعات: وتسهيل.
(٥) كان منذر بن سعيد البلوطي من أبرز فقهاء عصره، ويميل إلى مذهب الظاهر، وتولى قضاء الجماعة بقرطبة، وله كتب كثيرة في الفقه والقرآن والرد، وتوفي سنة ٣٥٥ (ابن الفرضي ٢: ١٤٢ والجذوة: ٣٢٦ والبغية رقم: ١٣٥٧) ومن أبنائه: سعيد أبو عثمان وكان خطيباً بليغاً ذكياً نبيهاً، قتل - كما يقول ابن حزم - يوم تغلب البرابرة على قرطبة، ٦ شوال ٤٠٣ (الصلة: ٢٠٨) ومنهم حكم أبو العاصي وكان من أهل الأدب والذكاء قديراً في الأدب توفي بمدينة سالم في نحو ٤٢٠ هـ (الصلة: ١٤٦) ؛ وثالث الأبناء هو عبد الملك أبو مروان، ولي خطوة الرد ثم لحقته التهمة التي يشير إليها ابن حزم فصلب على باب سدة السلطان (وهو الباب الرئيسي لقصر الخلافة بقرطبة) سنة ٣٦٨ وهو في حدود الأربعين من عمره (ابن الفرضي ١: ٣١٧ والحلة السيراء ١: ٢٧٩ - ٢٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>