للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كان الناقل إليه من أهل هذه الصفة ولكنه كان كثير المزاح جم الدعابة، فكتبت إلى أبي إسحاق، وكان يقول بالخبر (١) ، شعراً منه: [من الطويل]

ولا (٢) تتبدل قالة قد سمعتها ... تقال ولا تدري الصحيح بما تدري

كمن قد أرق الماء للآل أن بدا ... فلاقى الردى في الأفيح المهمه القفر وكتبت إلى الذي نقل عني شعراً منه: [من الطويل]

ولا تدغمن (٣) في الجد مزحاً كمولج ... فساد علاج النفس طي صلاحها

ومن كان نقل الزور أمضى سلاحه ... (٤) كمثل الحبارى تتقي بسلاحها وكان لي صديق مرة وكثر التدخيل (٥) بيني وبينه حتى كدح ذلك


(١) وكان يقول بالخبر: هذه العبارة - فيما أعتقد - صنو لقوله: وكان ظاهرياً؛ وتفسير ذلك أن ابن حزم ومن رأى مثل رأيه يقولون إن الخبر الصحيح عن الرسول حكمه حكم القرآن في وجوب الطاعة لهما فمن بلغه خبر عن الرسول يقر بصحته ثم رده بغير تقية فهو كافر، وهذا معنى قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) ، فمن مال عن قول رسول الله إلى قول فلان وفلان أو قياسه أو استحسانه فإنه ليس بمؤمن، ويستوي في ذلك أن يكون الخبر منقولاً نقل التواتر أو نقله الواحد الثقة، وهم يردون بشدة على من يقول إن الخبر إذا كان مما يعظم به البلوى لم يقبل فيه خبر الواحد (انظر الاحكام ١: ٩٦ - ١٣٨) .
(٢) برشيه: تتقبل؛ والبيت الثاني يقوي رواية " تتبدل ".
(٣) برشيه: تمزجن؛ وفي سائر القراءات: تزعما.
(٤) يشير إلى قولهم في المثل: اسلح (أو أذرق) من حبارى؛ انظر الدرة الفاخرة: ٢٣٣ وجمهرة العسكري ١: ٥٣٤، والميداني ١: ٣٥٤ والمستقصى ١: ١٧٠.
(٥) برشيه: التدجيل؛ ولا أراه صواباً؛ والتدخيل مصدر دخل، وهو وان لم يكن جارياً على القياس فإنه بمثابة " الدخال "؛ والمقصود به هنا الدخول بين اثنين للوقيعة والدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>