للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه واستبان في وجهه وفي لحظه، وطبعت على التأني والتربص والمسالمة ما امكنت، ووجدت بالانخفاض سبيلاً إلى معاودة المودة، فكتبت إليه شعراً، منه: [من الطويل]

ولي في الذي أبدي مرام لو أنها ... بدت ما ادعى حسن الرماية وهرز (١) وأقول مخاطباً لعبيد الله بن يحيى الجزيري الذي يحفظ لعمه الرسائل البليغة (٢) ، وكان طبع الكذب قد استولى عليه، واستحوذ على عقله، وألفه ألفة النفس الأمل، ويؤكد نقله وكذبه بالأيمان المؤكدة المغلظة مجاهراً بها، أكذب من السراب، مستهتراً بالكذب مشغوفاً به، لا يزال يحدث من قد صح عنده أنه لا يصدقه، فلا يزجره ذلك عن أن يحدث بالكذب: [من الطويل]

بدا كل ما كتمته بين مخبر ... وحال أرتني قبح عقدك بينا

وكم حالة صارت بياناً بحالة ... كما تثبت الأحكام بالحبل الزنا وفيه أقول قطعة منها: [من الطويل]

أنم من المرآة في كل ما درى ... وأقطع بين الناس من قضب الهند

أظن المنايا والزمان تعلما ... تحيله بالقطع بين ذوي الود وفيه أيضاً أقول من قصيدة طويلة: [من الطويل]

وأكذب من حسن الظنون حديثه ... وأقبح من دين وفقر ملازم


(١) كان وهزر قائد الجيش الفارسي الذي أرسله كسرى لمعاونة سيف بن ذي يزن على طرد الأحباش وكان حاذقاً في الرماية (انظر مروج الذهب: ٣: ١٦٣ وما بعدها) .
(٢) قوله: يحفظ لعمه الرسائل البليغة الأرجح انه يقصد بهذا العم عبد الملك بن ادريس الجزيري (انظر الذخيرة ٤/ ١: ٤٦ ومراجع ترجمته مذكورة في الحاشية) أما ابن أخيه عبيد الله فمن العبث مساءلة المصادر عن أخبار من كان مثله سقوطاً وخسة؛ ولكن الأمر الذي يستحق التنبيه هو: لماذا لم يحاول ابن حزم ان يخفي اسمه كما أخفى أسماء كثيرين غيره وجعله مرمى لسهام هجائه، حتى كأنه كان مباءة لشتى ضروب الرذائل (أنظر ص: ٢٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>