للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تجف دموعها، وكانت قد تصيرت من داره إلى البركات الخيال صاحب الفتيان (١) .

ولقد كان رحمه الله يخبرني عن نفسه انه يمل اسمه فضلاً عن غير ذلك. وأما إخوانه فإنه تبدل بهم في عمره على قصره مراراً، وكان لا يثبت على زي واحد كأبي براقش (٢) ، حيناً يكون في ملابس الملوك وحيناً في ملابس الفتاك.

فيجب على من امتحن بمخالطة من هذه صفته على أي وجه كان ألا يستفرغ عامة جهده في محبته، وأن يقيم اليأس من دوامه حصناً (٣) لنفسه، فإذا لاحت له مخايل الملل قاطعه أياماً حتى ينشط باله، ويبعد به عنه، ثم يعاوده، فربما دامت المودة مع هذا؛ وفي ذلك أقول: [من المجتث]

لا ترجون ملولاً ... ليس الملول بعده

ود الملول فدعه ... عارية مسترده ٦ - ومن الهجر ضرب يكون متوليه المحب، وذلك عندما يرى من جفاء محبوبه والميل عنه إلى غيره، أو لثقيل يلازمه؛ فيرى الموت وتجرع غصص الأسى، والعض على نقيف الحنظل أهون من رؤية ما يكره، فينقطع وكبده تتقطع؛ وفي ذلك أقول: [من السريع]


(١) يريد بروفنسال أن يقرأ: إلى أبي البركات الخيالي صاحب البنيان، ذلك لأنه يرى انه لم تكن هناك خطة تسمى " صاحب الفتيان " ويكون الخيالي نسبة إلى " خيال " زوج الحاجب عبد الملك المظفر (انظر الأندلس: ٣٥٢ وترجمة غومس: ٢٠٠ الحاشية؛ ومكي: ١٠٥) .
(٢) أبو براقش - فيما قيل - طائر منقش بألوان النقوش يتلون في اليوم ألواناً ويضرب به المثل للمتلون (ثمار القلوب: ٢٤٧) ويبدو أن هذا هو مفهوم المشارقة فقد جاء في (Vocabulista) أنه يقابل (Stellio، drago) وأنه يرادف " حرباء " (انظره ص: ٥٩١ ونبه إليه بروفنسال في الأندلس: ٣٥٣) .
(٣) بتروف والصيرفي ومكي: خصماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>