للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناسي ضد هذا. وكل هذا فعلى قدر طبيعة الإنسان وإجابتها وامتناعها وقوة تمكن الحب من القلب أو ضعفه، وفي ذلك أقول وسميت السالي فيه المتصبر - قطعة منها: [من الكامل]

ناسي الأحبة غير من يسلوهم ... حكم المقصر غير حكم المقصر

ما قاهر للنفس (١) عدل مجيبها ... ما الصابر المطبوع كالمتصبر والأسباب الموجبة للسلو المنقسم هذين القسمين كثيرة، وعلى حسبها وبمقدار الواقع منها يعذر السالي ويذم:

١ - فمنها الملل - وقد قدمنا الكلام عليه - وإن من كان سلوه عن ملل فليس حبه حقيقة، والمتوسم به صاحب دعوى زائفة، وإنما هو طلب لذة ومبادر شهوة، والسالي من هذا الوجه ناس مذموم.

٢ - ومنها الاستبدال، وهو وإن كان يشبه الملل ففيه معنى زائد، وهو بذلك المعنى أقبح من الأول، وصاحبه أحق بالذم.

٣ - ومنها حياء مركب يكون في المحب يحول بينه وبين التعريض بما يجد، فيتطاول الأمر وتتراخى المدة، ويبلى جديد المودة ويحدث السلو؛ وهذا وجه إن كان السالي عنه ناسياً فليس بمنصف، إذ منه جاء سبب الحرمان، وإن كان متصبراً فليس بملوم، إذ آثر الحياء على لذة نفسه. وقد ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الحياء من الإيمان والبذاء من النفاق (٢) .. وحدثنا أحمد بن محمد (٣) عن أحمد


(١) في معظم الطبعات: غير، وهو خطأ واضح؛ وعند برشيه: عد.
(٢) ورد الحديث في أكثر الصحاح (انظر مثلاً البخاري ايمان: ٥٧ - ٥٩) ومسند أحمد ٢: ٥٦، ١٤٧، ٣٩٢.
(٣) هو ابن الجسور، وقد تقدم التعريف به، ص: ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>