كانت جهنم في الحشا من حبكم ... فلقد أراها نار إبراهيما ثم الأسباب الثلاث الباقية التي هي من قبل المحبوب، فالمنتصر من الناس فيها غير مذموم، لما سنورده إن شاء الله في كل فصل عنها:
٥ - فمنها نفار يكون في المحبوب وانزواء قاطع للأطماع؛
خبر:
وإني لأخبر عني أني ألفت في أيام صباي ألفة المحبة جارية نشأت في دارنا وكانت في ذلك الوقت بنت ستة عشر عاماً؛ وكانت غاية في حسن وجهها وعقلها وعفافها وطهارتها وخفرها ودماثتها، عديمة الهزل، منيعة البذل، بديعة البشر، مسبلة الستر، فقيدة الذام، قليلة الكلام، مغضوضة البصر، شديدة الحذر، نقية من العيوب، دائمة القطوب، كثيرة الوقار، مستلذة النفار، لا توجه الأراجي نحوها، ولا تقف المطامع عليها، ولا معرس للأمل لديها، فوجهها جالب كل القلوب، وحالها طارد من أمها. تزدان في المنع والبخل، ما لا يزدان غيرها بالسماحة والبذل، موقوفة على الجد في أمرها غير راغبة في اللهو، على أنها كانت تحسن العود إحساناً جيداً، فجنحت إليها وأحببتها حباً مفرطاً شديداً، فسعيت عامين أو نحوهما أن تجيبني بكلمة وأسمع من فيها لفظة، غير ما يقع في الحديث الظاهر إلى كل سامع، بأبلغ السعي فما وصلت من ذلك إلى شيء البتة.
فلعهدي بمصطنع (١) كان في دارنا لبعض ما يصطنع له في دور الرؤساء تجمعت فيه دخلتنا ودخلة أخي، رحمه الله، من النساء ونساء فتياننا ومن لاث بنا من خدمنا، ممن يخف موضعه ويلطف محله،