للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن وصلك، وهو شيء لا يلزمه. وقد تقدم من أذمة الوصال وحق أيامه، ما يلزم التذكر ويوجب عهد الألفة، ولكن السالي على وجهة التصبر والتجلد هاهنا معذور إذا رأى الهجر متمادياً ولم ير للوصال علامة ولا للمراجعة دلالة؛ وقد استجاز كثير من الناس أن يسموا هذا المعنى غدراً إذ ظاهرهما واحد، ولكن علتيهما مختلفتان، فلذلك فرقنا بينهما في الحقيقة؛ وأقول في ذلك شعراً منه: [من الطويل]

فكونوا كمن لم أدر قط فإنني ... كآخر لم تدروا ولم تصلوه

أنا كالصدى ما قال كل أجيبه ... فما شئتموه اليوم فاعتمدوه وأقول أيضاً قطعة، ثلاثة أبيات قلتها وأنا نائم واستيقظت فأضفت إليها البيت الربع: [من الوافر]

ألا لله دهر كنت فيه ... أعز علي من روحي وأهلي

فما برحت يد الهجران حتى ... طواك بنانها طي السجل

سقاني الصبر هجركم كما قد ... سقاني الحب وصلكم بسجل

وجدت الوصل أصل الوجد حقاً ... وطول الهجر أصلاً للتسلي وأقول أيضاً قطعة: [من الكامل المجزوء]

لو قيل لي من قبل ذا ... أن سوف تسلو من تود

لحلفت ألف (١) قسامة ... لا كان ذا أبد الأبد

وإذا طويل الهجر ما ... معه من السلوان بد

لله هجرك إنه ... ساع لبرئي مجتهد

فالآن أعجب للسل ... ووكنت أعجب للجلد

وأرى هواك كجمرة ... تحت الرماد لها مدد


(١) القسامة: إذا وقعت تدمية في موضع ما دون أن يعرف القاتل على التحقيق ووجه أولياء القتيل التهمة إلى جماعة أو قرية، فإن المفروض أن يحلف خمسون رجلاً من المتهمين ببراءتهم، فتسقط بذلك التهمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>