للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصمته، وان بنيتنا مدخولة ضعيفة، فإذا كانا صلى الله عليهما وهما نبيان رسولان ابنا أنبياء رسل ومن أهل بيت نبوة ورسالة، مكرمين (١) في الحفظ، مغموسين في الولاية، محفوفين بالكلاءة، مؤيدين بالعصمة، لا يجعل للشيطان عليهما سبيل، ولا فتح لوسواسه نحوهما طريق، وبلغا حيث نص الله عز وجل علينا في قرآنه المنزل بالجملة المؤصلة، والطبع البشري والخلقة الأصيلة، لا بتعمد الخطيئة ولا القصد إليها - إذ النبيون مبرؤون من كل ما خالف طاعة الله عز وجل، لكنه استحسان طبيعي في النفس للصور - فمن ذا الذي يصف نفسه بملكها ويتعاطى ضبطها إلا بحول الله وقوته! وأول دم سفك في الأرض فدم أحد ابني آدم على سبب المنافسة في النساء (٢) ؛ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء " (٣) وهذه امرأة من العرب تقول، وقد حبلت من ذي قرابة لها، حين سئلت: ما ببطنك يا هند فقالت: قرب الوساد وطول السواد (٤) ؛ وفي ذلك أقول شعراً منه: [من الرمل]

لا تلم من عرض النفس لما ... ليس يرضي غيره عند المحن

لا تقرب عرفجاً من لهب ... ومتى قربته قامت دخن

لا تصرف ثقة في أحد ... فسد الناس جميعاً والزمن

خلق النسوان للفحل كما ... خلق الفحل بلا شك لهن

كل شكل يتشهى شكله ... لا تكن عن أحد تنفي الظنن


(١) بتروف: متكررين؛ برشيه: متبحرين.
(٢) انظر قصة قابيل وهابيل في عرائس المجالس للثعلبي: ٤٣ - ٤٧.
(٣) باعدوا بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء: ذكره ابن الحاج في " المدخل " في صلاة العيدين، وذكره ابن جماعة في " منسكه " في طواف النساء، ولم يورد له سنداً؛ وقال ملا علي القاري: انه غير ثابت (الأخبار الموضوعة: ١٤٥) غير ان ابن حزم لا يورده هكذا إلا وهو يصححه من وجه ما.
(٤) ذكر هذا عن ابنة الخس، وذلك أنه قيل لها: لم زنيت بعبدك ولم تزني بحر، وما أغراك به، قالت: طول السواد وقرب الوساد (الحيوان ١: ١٦٩ ولمح الملح للحظيري، الورقة: ٤٩/أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>