للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة الصالح من إن صنته ... عن قبيح أظهر الطوع الحسن

وسواه من ذا ثقفته ... أعمل الحيلة في خلع الرسن وإني لأعلم فتى من أهل الصيانة قد أولع بهوى له، فاجتاز بعض إخوانه فوجده قاعداً مع من كان يحب، فاستجلبه إلى منزله، فأجابه إلى منزله بامتثال المسير بعده، فمضى داعيه إلى منزله وانتظره حتى طال عليه التربص فلم يأته، فلما كان بعد ذلك اجتمع به داعيه فعدد عليه وأطال لومه على إخلافه موعده، فاعتذر وورى، فقلت أنا للذي دعاه: أنا أكشف عذره صحيحاً من كتاب الله عز وجل إذ يقول: {ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم} (طه: ٨٧) فضحك من حضر، وكلفت أن أقول في ذلك شيئاً فقلت: [من الطويل] .

وجرحك لي جرح جبار فلا تلم ... ولكن جرح الحب غير جبار

وقد صارت الخيلان وسط بياضه ... كنيلوفر حفته روض بهار

وكم قال لي من مت وجداً بحبه ... مقالة محلول المقالة زاري

وقد كثرت مني إليه مطالب ... ألح عليه تارة وأداري:

أما في التداني ما يبرد غلة ... ويذهب شوقاً في ضلوعك ساري

فقلت له: لو كان ذلك لم تكن ... عداوة جار في الأنام لجار

وقد يتراءى العسكران لدى الوغى ... وبينهما للموت سبل بوار ولي كلمتان قلتهما معرضاً - بل مصرحاً - برجل من أصحابنا كنا نعرفه من أهل الطلب والعناية والورع وقيام الليل واقتفاء آثار النساك وسلوك مذاهب المتصوفين القدماء، باحثاً مجتهداً، وقد كنا نتجنب المزاح بحضرته، فلم يمض الزمن حتى مكن الشيطان من نفسه، وفتك بعد لباس النساك، وملك إبليس من خطامه فسول له الغرور، وزين له الويل والثبور، وأجره رسنه بعد إباء، وأعطاه ناصيته بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>