للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا} (المجادلة: ٧) / و {هو عليم بذات الصدور} وهو {عالم الغيب والشهادة} و {ويستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم} (النساء: ١٠٨) وقال: {لقد خلقنا الآنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. إذ يتلقى الملتقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد. ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} (ق: ١٦ - ١٨) .

وليعلم المستخف بالمعاصي، المتكل على التسويف، المعرض عن طاعة ربه ان إبليس كان في الجنة مع الملائكة المقربين فلمعصية واحدة وقعت منه استحق لعنة الأبد وعذاب الخلد، وصير شيطاناً رجيماً، وأبعد عن رفيع المقام، وهذا آدم صلى الله عليه وسلم بذنب واحد أخرج من الجنة إلى شقاء الدنيا ونكدها؛ ولولا انه تلقى من ربه كلمات وتاب عليه لكان من الهالكين (١) . افترى هذا المغتر بالله ربه وبإملائه ليزداد إثماً يظن أنه أكرم على خالقه من أبيه آدم الذي خلقه ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته (٢) الذين هم أفضل خلقه عنده أو عقابه اعز عليه من عقوبته إياه كلا، ولكن استعذاب التمني، واستيطاء مركب العجز، وسخف الرأي، قائدة أصحابها إلى الوبال والخزي. ولو لم يكن عند ركوب المعصية زاجر من نهي الله تعالى ولا حام من غليظ عقابه لكان في قبيح الأحدوثة عن صاحبه وعظيم الظلم الواقع في نفس فاعله اعظم مانع وأشد رادع لمن نظر بعين الحقيقة، واتبع سبيل الرشد، فكيف والله عز وجل يقول: {ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً} (الفرقان: ٦٨ - ٦٩) .


(١) انظر الآية ٣٧ من سورة البقرة.
(٢) في سجود الملائكة لآدم انظر: البقرة: ٣٤، الاعراف: ١١، الإسراء: ٦١، الكهف: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>