للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أهولها، وعقوبة ما أفظعها، وأشد عذابها وأبعدها من الإراحة وسرعة الموت.

وطوائف من أهل العلم منهم الحسن بن أبي الحسن وابن راهويه وداود (١) وأصحابه يرون عليه مع الرجم جلد مائة، ويحتجون عليه بنص القرآن وثابت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل علي رضي الله عنه بأنه رجم امرأة محصنة في الزنا بعد أن جلدها مائة. وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله (٢) ؛ والقول بذلك لازم لأصحاب الشافعي، لأن زيادة العدل في الحديث مقبولة.

وقد صح في إجماع الأمة المنقول بالكافة الذي يصحبه العمل عند كل فرقة وفي أهل كل نحلة من نحل أهل القبلة - حاشا طائفة يسيرة من الخوارج لا يعتد به - أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بكفر بعد إيمان، أو نفس بنفس، أو بمحاربة لله ورسوله يشهر فيها سيفه ويسعى في الأرض فسادا مقبلاً غير مدبر، وبالزنا بعد الإحصان (٣) فإن حد ما جعل الله مع الكفر بالله عز وجل ومحاربته وقطع حجته في الأرض ومنابذته دينه لجرم كبير ومعصية شنعاء. والله تعالى يقول: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} (النساء: ٣١) {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم. إن ربك واسع المغفرة} (النجم: ٣٢) وإن كان أهل العلم اختلفوا في تسميتها فكلهم مجمع - مهما اختلفوا فيه منها - أن الزنا يقدم فيها، لا اختلاف بينهم في ذلك، ولم يوعد الله عز وجل في كتابه بالنار بعد


(١) هو الحسن البصري (- ١١٠) وابن راهويه فهو اسحاق بن ابراهيم الفقيه الشافعي (- ٢٣٨) ؛ انظر ابن خلكان ١: ١٩٩ وداود بن علي بن خلف الاصبهاني صاحب المذهب الظاهري (- ٢٧٠) ؛ انظر ابن خلكان ٢: ٢٥٥.
(٢) ارشاد الساري ١٠: ٦ - ٧، حيث يذكر ما فعله علي.
(٣) حديث لا يحل دم امرئ مسلم الخ ورد في عدة مواطن من الصحاح، وانظر مسند أحمد ١: ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>