للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرك الا في سبع ذنوب، وهي الكبائر: الزنا أحدها، وقذف المحصنات أيضاً منها، منصوصاً ذلك كله في كتاب الله عز وجل.

وقد ذكرنا أنه لا يحب القتل على أحد من ولد آدم إلا في الذنوب الأربعة التي تقدم ذكرها: فأما الكفر منها فإن عاد صاحبه إلى الاسلام أو بالذمة إن لم يكن مرتداً قبل منه ودرى عنه الموت، وأما القتل فان قبل الولي الدية في قول بعض الفقهاء أو عفا في قول جميعهم سقط عن القاتل القتل بالقصاص، وأما الفساد في الأرض فإن ناب صاحبه قبل أن يقدر عليه هدر عنه القتل، ولا سبيل في قول أحد مؤالف أو مخالف في ترك رجم المحصن ولا وجه لرفع الموت عنه البتة.

ومما يدل على شنعة الزنا ما حدثنا القاضي أبو عبد الرحمن (١) : ثنا القاضي أبو عيسى (٢) عن عبيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى بن يحيى عن الليث عن الزهري عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عبيد بن عمير: ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب في زمانه ناساً من هذيل، فخرجت جارية منهم فاتبعها رجل يريدها عن نفسها فرمته بحجر فقضت كبده. فقال عمر: هذا قتيل الله والله لا يودى أبداً.

وما جعل الله عز وجل فيه أربعة شهود، وفي كل حكم شاهدين، إلا حياطة منه ألا تشيع الفاحشة في عباده، لعظمها وشنعتها


(١) القاضي أبو عبد الرحمن هو عبد الله بن عبد الرحمن بن جحاف المعافري قاضي بلنسية الملقب بحيدرة وقد مر التعريف به ص: ٢٧٢، وهو يروي عن أبي عيسى الليثي، انظر التعليق التالي.
(٢) القاضي أبو عيسى هو يحيى بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى الليثي (- ٣٦٧) سمع من عم أبيه عبيد الله بن يحيى الليثي، وكان قاضياً ببجاية والبيرة وولي أحكام الرد بقرطبة ورحل الناس إليه من جميع كور الاندلس (ابن الفرضي ٢: ١٨٩ والجذوة: ٣٥٤ وترتيب المدارك ٤: ٤١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>