للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبحها، وكيف لا تكون شنيعة ومن قذف بها أخاه المسلم أو أخته المسلمة دون صحبة علم أو تيقن معرفة فقد أتى كبيرة من الكبائر استحق عليها النار غداً، ووجب عليه بنص التنزيل ان تضرب بشرته ثمانين سوطاً. ومالك رضي الله عنه يرى ألا يؤخذ في شيء من الأشياء حد بالتعريض دون التصريح إلا في قذف (١) .

وبالسند المذكور عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه أمر أن يجلد رجل قال لآخر: ما أبي بزان ولا أمي بزانية (٢) . في حديث طويل. وبإجماع من الأمة كلها دون خلاف من أحد نعلمه انه إذا قال رجل لآخر: يا كافر، أو يا قاتل النفس التي حرم الله، لما وجب عليه حد احتياطاً من الله عز وجل ألا تثبت هذه العظيمة في مسلم ولا مسلمة.

ومن قول مالك رحمه الله أيضاً أنه لا حد في الإسلام إلا والقتل يغني عنه وينسخه إلا حد القذف، فإنه إن وجب على من قد وجب عليه القتل حد ثم قتل (٣) . قال الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون. إلا الذين تابوا} (النور: ٤، ٥) . وقال تعالى: {عن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم} (النور: ٢٣) . وروي عن رسول الله


(١) انظر المحلى ١١: ٢٧٧ والمدونة ٦: ٢٢٤.
(٢) المحلى ١١: ٢٧٦ - ٢٨١، وهذا للاستشهاد على عظم حد القذف ولو كان تعريضاً، إلا أن ابن حزم يرفضه ولا يرى فيه حداً.
(٣) قال مالك: كل حد اجتمع مع القتل لله أو قصاص لأحد من الناس فإنه لا يقام مع القتل والقتل يأتي على جميع ذلك إلا الفرية [يعني القذف] فإن الفرية تقام ثم يقتل (المدونة ٦: ٢١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>