للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهوى فإن الجنة هي المأوى) (النازعات: ٤٠) جامع لكل فضيلة، لان نهي النفس عن الهوى هو ردعها عن الطبع الغضبي وعن الطبع الشهواني، لان كليهما واقع تحت موجب الهوى، فلم يبق إلا استعمال النفس للنطق الموضوع فيها الذي (١) به بانت عن البهائم والحشرات والسباع.

١٣ - قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي استوصاه: " لا تغضب " (٢) ، وأمره، عليه السلام، أن يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه، جامعان لكل فضيلة، لان في نهيه عن الغضب ردع ذات القوة الغضبية عن هواها وفي أمره عليه السلام بان يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه ردع النفوس عن القوة الشهوانية، وجمع لأزمة العدل الذي هو فائدة النطق الموضوع في النفس الناطقة.

١٤ -[ (٣) رأيت أكثر الناس، إلا من عصم الله تعالى وقليل ما هم، يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا، ويحتقبون عظيم الإثم الموجب للنار في الآخرة بما لا يحظون معه بنفع أصلاً: من نيات خبيثة يضبون عليها من تمني الغلاء المهلك للناس وللصغار ومن لا ذنب له، وتمني أشد البلاء لمن يكرهونه، وقد علموا يقيناً أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئاً مما يتمنونه أو يوجب كونه، وأنهم لو صفوا نياتهم وحسنوها لتعجلوا الراحة لأنفسهم وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم، ولاقتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد من غير أن يؤخر ذلك شيئاً مما يريدونه أو يمنع كونه. فأي غبن اعظم من هذه


(١) ص: التي.
(٢) الحديث في صحيح البخاري (ادب: ٧٦) والترمذي (بر: ٧٣) ومسند أحمد ٢: ١٧٥، ٣ ٤٨٤، ٥: ٣٤، ٣٧٠.
(٣) ما بين معقفين من فقرات أضيفت الى هذه الرسالة من د: وهي عن طبعة القاهرة (١٩٠٨) تحقيق أحمد عمر المحمصاني (انظر التصدير) .

<<  <  ج: ص:  >  >>