للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٧ -[أشبه ما رأيت بالدنيا خيال الظل وهي تماثيل مركبة على مطحنة خشب تدار بسرعة فتغيب طائفة وتبدو أخرى] .

٦٨ - طال تعجبي في الموت، وذلك أني صحبت أقواماً صحبة الروح للجسد من صدق المودة، فلما ماتوا رأيت بعضهم في النوم ولم أر بعضهم، وقد كنت عاهدت بعضهم في الحياة على التزاور في المنام بعد الموت ان أمكن ذلك، فلم أره في النوم بعد أن تقدمني إلى دار الآخرة، فلا أدري أنسي أم شغل] .

٦٩ -[غفلة النفس ونسيانها ما كانت فيه في دار الابتداء قبل حلولها في الجسد كغفلة من وقع في طين غمر عن كل ما عهد وعرف قبل ذلك. ثم أطلت الفكر أيضاً في ذلك فلاح لي شعب زائد من البيان. وهو أني رأيت النائم اذ همت نفسه بالتخلي من جسده وقوي حسها حتى تشاهد الغيوب قد نسيت ما كان فيه قبيل نومها نسياناً تاماً البتة على قرب عهدها به، وحدثت لها أحوال أخر، وهي في كل ذلك ذاكرة حساسة متلذذة آلمة، ولذة النوم محسوسة في حاله، لان النائم يلتذ ويحتلم ويخاف ويحزن في حال نومه] .

٧٠ - انما تأنس النفس بالنفس. فأما الجسد فمستثقل مبروم به، ودليل ذلك استعجال المرء بدفن جسد حبيبه إذا فارقته نفسه، وأسفه لذهاب النفس وان كانت الجثة حاضرة بين يديه.

٧١ - لم أر لإبليس (١) أصيد ولا أقبح ولا أحمق من كلمتين ألقاهما على ألسنة دعاته: إحداهما اعتذار من أساء بأن فلاناً أساء قبله، والثانية استسهال الإنسان ان يسيء اليوم لأنه قد أساء أمس، [أو أن يسيء في وجه ما لأنه قد أساء في غيره. فقد صارت هاتان الكلمتان عذراً مستهلتين للشر ومدخلتين له في حد ما يعرف ويحمل ولا ينكر] .


(١) ص: الا ابليس.

<<  <  ج: ص:  >  >>