ما قالت الأنبياء صلوات الله عليهم والأفاضل من الحكماء المتأخرين والمتقدمين في الأخلاق وفي آداب النفس أعاني مداواتها، حتى أعان الله عز وجل على أكثر ذلك بتوفيقه ومنه، وتمام العدل ورياضة النفس والتصرف بأزمة الحقائق هو الإقرار بها، ليتعظ بذلك متعظ يوماً ان شاء الله.
(أ) فمنها كلف في الرضاء وإفراط في الغضب، فلم أزل أداوي ذلك حتى وقفت عند ترك إظهار الغضب جملة بالكلام والفعل والتخبط، وامتنعت مما لا يحل من الانتصار وتحملت من ذلك ثقلاً شديداً وصبرت على مضض مؤلم كان ربما امرضني، وأعجزني ذلك في الرضى وكأني سامحت نفسي في ذلك، لأنها تمثلت ان ترك ذلك لؤم.
(ب) ومنها دعابة غالبة، فالذي قدرت عليه فيها إمساكي عما يغضب الممازح، وسامحت نفسي فيها إذ رأيت تركها من الانغلاق ومضاهياً للكبر.
(ج) ومنها عجب شديد: فناظر عقلي نفسي بما يعرفه من عيوبها حتى ذهب كله ولم يبق له والحمد لله أثر، بل كلفت نفسي احتقار قدرها جملة واستعمال التواضع.
(د) ومنها حركات كانت تولدها غرارة الصبا وضعف الأعضاء فقسرت نفسي على تركها فذهبت.
(هـ) ومنها محبة في بعد الصيت والغلبة، فالذي وقفت عليه من معاناة هذا الداء الإمساك فيه عما لا يحل في الديانة، والله المستعان على الباقي، مع ظهور النفس الغضبية إذا كانت منقادة للناطقة فضل وخلق محمود.
(و) ومنها إفراط في الأنفة بغضت الي إنكاح الحرم جملة بكل وجه وصعبت ذلك في طبيعتي، وكأني توقفت عن مغالبة هذا الافراط الذي أعرف قبحه لعوارض اعترضت علي، والله المستعان.