للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ز) ومنها عيبان قد سترها الله تعالى وأعان على مقاومتهما، وأعان بلطفه عليهما، فذهب احدهما البتة ولله الحمد. وكأن السعادة كانت موكلة بي، فاذا لاح منه طالع قصدت طمسه. وطاولني الثاني منهما فكان إذا ثارت منه مدوده نبضت عروقه فيكاد يظهر ثم يسر الله تعالى قدعه بضروب من لطفه حتى اخلد.

(ح) ومنها حقد مفرط قدرت بعون الله تعالى على طيه وستره، وغلبته على اظهار جميع نتائجه، وأما قطعه البتة فلم أقدر عليه وأعجزني معه أن أصادق من عاداني عداوة صحيحة أبداً.

وأما سوء الظن فيعده (١) قوم عيباً على الاطلاق وليس كذلك إلا اذا أدى صاحبه إلى ما لا يحل في الديانة أو ما يقبح في المعاملة والا فهو حزم، والحزم فضيلة.

وأما الذي يعيبني به جهال أعدائي من أني لا أبالي - فيما اعتقده حقاً - عن مخالفة من خالفته ولو أنهم جميع من على ظهر الأرض، وأني لا أبالي موافقة أهل بلادي في كثير من زيهم الذي قد تعودوه لغير معنى، فهذه الخصلة عندي من أكبر فضائلي التي لا مثيل لها ولعمري لو لم تكن في - وأعوذ بالله - لكانت من أعظم متمنياتي وطلباتي عند خالقي عز وجل. وأنا أوصي بذلك كل من يبلغه كلامي، فلن ينفعه اتباعه الناس في الباطل والفضول اذا اسخط ربه تعالى وغبن عقله أو آلم نفسه وجسده وتكلف مؤونة لا فائدة فيها.

وقد عابني أيضاً بعض من غاب عن معرفة الحقائق أني لا آلم لنيل من نال مني، وأني اتعدى ذلك من نفسي إلى اخواني فلا امتعض لهم إذا نيل منهم بحضرتي. وأنا أقول إن من وصفني بذلك فقد أجمل الكلام ولم يفسره. والكلام إذا أجمل اندرج فيه تحسين القبيح وتقبيح الحسن. ألا


(١) ص: سوء الظن بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>