أمتعض امتعاضاً رقيقاً لا أزيد فيه على أن أندم القائل منهم بحضرتي وأجعله يتذمم ويتعذر ويخجل ويتنصل، وذلك بأن أسلك به طريق ذم من نال من الناس، وان نظر المرء في أمر نفسه والتهمم بإصلاحها أولى به من تتبع عثرات الناس، وبأن أذكر فضل صديقي فأبكته على اقتصاره على ذكر العيب دون ذكر الفضيلة وأن أقول له:" انه لا يرضى فيك فهو أولى بالكرم منك، فلا ترض لنفسك بهذا "، أو نحو هذا من القول. وأما أن أهارش القائل فأحميه وأهيج طباعه وأستثير غضبه فينبعث منه في صديقي أضعاف ما أكره، فأنا الجاني حينئذ على صديقي والمعرض له بقبيح السب وتكراره فيه وإسماعه من لم يسمعه والإغراء به، وربما كنت أيضاً في ذلك جانياً على نفسي ما لا ينبغي لصديقي أن يرضاه لي من إسماعي الجفاء والمكروه، وأنا لا أريد من صديقي أن يذب عني بأكثر من الوجه الذي حددت، فان تعدى ذلك إلى أن يساب النائل مني حتى يولد بذلك أن يتضاعف النيل وان يتعدى أيضاً اليه بقبيح المواجهة، وربما إلى أبوي وأبويه على قدر سفه النائل ومنزلته من البذاءة وربما كانت منازعة بالأيدي، فأنا مستنقص لفعله في ذلك زار عليه متظلم منه غير شاكر له، لكني ألومه على ذلك أشد اللوم، وبالله تعالى التوفيق] .
[وذمني أيضاً بعض من تعسف الأمور دون تحقيق بأني أضيع مالي، وهذه جملة بيانها] ، أني لا أضيع منه (١) الا ما كان في حفظه نقص ديني أو إخلاق عرضي أو إتعاب نفسي،. فإني أرى الذي أحفظ من هذه الثلاثة، وأن قل، أجل في العوض مما يضيع من مالي، ولو أنه كل ما ذرت عليه الشمس.
٨٣ - أفضل نعم الله على العبد أن يطبعه على العدل وحبه وعلى الحق وإيثاره [فما استعنت على قمع هذه الطوالح الفاسدة وعلى كل خير
(١) جاءت هذه الفقرة في ص على النحو التالي: عيب بعضهم بإتلاف ماله فقال إني لا أضيع منه الخ.